في كل عام من شهر رمضان
تعلوا الأصوات المنتقدة للدراما العمانية، وفي كل عام يحاول النقاد الفنيين أن
يضعوا بلسمهم على الجرح الدرامي، وفي كل رمضان يطل علينا التلفزيون العماني بمائدة
من الأعمال الفنية التي كما هو معلوم لا تتفق ومذاق مشاهديها، أُغلقت
"الدرايش" وفُتحت "الدهاليز" وبقى المتق*. (*المتق هو المعروف بدوباس النخيل)
سنون طوال مضت ونحن
نتسمّر أمام شاشة التلفاز العماني كمن فُرض عليه مشاهدته بـ"الغصب"،
ربما بسبب عدم وجود "ريموت" لتغير القناة ، أو أن بطارية
"الريموت" قد نفذ منها وقود الحياة، وفي كثير من الأحيان بسبب ارتباطات اخرى
منها معرفة تواقيت الأذان، بالإضافة إلى أن الوالد لا يستسيغ مشاهدة القنوات
الخليجية مثل "أم بي سي" التي تعرض موائد تكون فيه بعض الفواكه غير
مغطاة بالشكل المطلوب حسب مقياس الوالد الذي كان ينتظر خيط أمل بأن يرى أعمالا لا
تقل عما شاهده مثل مسلسل الشايب خلف وسعيدة وسعيدة وصيف حار وقراءة في دفتر منسي
وآباء وأبناء وتبقى الأرض وغيرها من المسلسلات العمانية التي شاركنا الوالد
بمشاهدتها في طفولتنا.
مرت سنوات على
هذا الحال، كبرنا وأصبحنا أكثر جرأة لتغير موجة القناة، فكانت قنوات "ام بي
سي" ودبي وأبوظبي والسعودية وقطر والكويت وغيرها من المحطات المكتظة في محيط
النايل سات والعرب سات. هنا بدأنا نتساءل ويتساءل المراقبون عن سبب العزوف عن تذوق
مائدة التلفزيون العماني، فحضرت المقارنة في العقل الباطن والعقل الظاهر بين
الموائد العربية المختلفة في مقابل المائدة العمانية، فكانت النتيجة: نميط رؤوسنا
للأسفل عند الحديث عن المسلسلات العمانية.
لا أريد أن أكرر ما
قيل، فقد غصت الحناجر وملئت الصحف بمداد النقد وانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي
والمنتديات خلال السنوات الماضية واستمرت إلى اليوم بما في نفوس الغيورين على سمعت
هذا التلفزيون الذي يحمل أسم السلطنة، فقط هي نقطة واحدة:
-
-الثيمة التي نشاهدها
في الأعمال الفنية العمانية هي ثيمة ثابتة ولم تتغير ومن الصعب أنها تتغير ولو
أنفقت الملايين من أجل ذلك، وقد أنفق فعلا الملايين من أجل تغيير مسار الدراما العمانية
من خلال لجنة تطوير الدراما التي أشرف عليها البلاط السلطاني ولكن لم يتغير شيء،
فمن بدايات التلفزيون وهو علي هذه الثيمة أو المسار، هو فكر متوارث، وأزعم أنه لن
يتنازل عن ميراثه حتى بعد قرن من الزمان، وبمعنى أوضح: نسبة تغير المسلسلات
العمانية خلال الفترات الماضية والسنوات العشرين القادمة يساوي "صفر".
وهذه الصفر لم تأتي من
فراغ بل من أسباب عديدة ومعروفة، أبرزها:
-الثقافة السادة لدى
الممثلين والمخرجين العمانيين هي "ثقافة المسرح"، كون أغلبهم بدأ
التمثيل أو الإخراج من المسرح ثم قفز للتلفزيون، فأصبحت المسلسلات عبارة عن
اسكتشات مسرحية بحتة متراصة بنظام "متصل متصل، أو متصل منفصل".
ومسلسل "دهاليز" الذي يعرض حاليا خير
مثال، حتى أن المخرج العماني الذي أخرج أكثر من نصف حلقاته هو مخرج مسرحي، ومعروف
بنجاحاته المسرحية لكن تواجده في الدراما التلفزيونية غير موفق حتى الآن، كما أن
النص للكاتب هود الهوتي هو نص مسرحي بدائي، فدهاليز ليس أكثر من برنامج مسرحي
توعوي يعلم المشاهدين ذوي الأعمار الأقل من 12 سنة بطريقة مباشرة ما هو الصواب وما
هو الخطأ. وهذا ليس تقليلا من شأن المسرح فهو أبو الفنون ولكن للمسرح مدرسة
وللدراما التلفزيونية مدرسة أخرى، والنص المسرحي حتما يختلف عن نص الدراما
التلفزيونية أو السينمائية.
-من يتغنى
بـ"الزمن الجميل" ويقول بأن التلفزيون العماني مر بفترة ذهبية في
الثمانينيات والتسعينيات فأقول بأن تلك الفترة لم تكن ذهبية بل هي طبيعية كبداية،
ولكن استمر المستوى العام
مع انخفاض في مستوى النص وعدم مسايرته للعصرنة، في حين تقدمت وتطورت الأعمال
الخليجية التي كانت بنفس مستوى الأعمال العمانية أو أقل، ولهذا حين تحضر المقارنة
حاليا تكون الكارثة الفنية.
والدليل على ذلك ما يحدث حاليا في مسلسل
"دهاليز"، حيث تتواجد فيه أسماء كانت هي نفسها في المسلسلات القديمة
ويعتبروا من رواد الفن العماني مثل صالح زعل وشمعة محمد وامينة عبدالرسول وسعود
الدرمكي وغيرهم.
أخير.. أضحكني تصريح للكاتب هود الهوتي مؤلف
مسلسل دهاليز قال فيه بأن "دهاليز"فاجأهم بنجاحه"!!!، ياعمي على
أي أساس ومعايير بنيت حكم "نجاح" المسلسل!!، كيف لمؤلف أن يمتدح عمله رغم شدة الانتقادات
له!!.
والعجيب أن الخبير الدرامي بالتلفزيون ومدير
الإنتاج الدرامي سابقا طالب محمد يقول في تصرح نشر بجريدة عمان :"مسلسل دهاليز ضعيف نصا وحوارا"!!، إذن كيف
تمت الموافقة على النص واسند للتنفيذ!!، وما دور الكرسي الذي تجلس عليه؟!!
الكاتب هود الهوتي |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق