"درويش" "وانخفاض النفط" و"منع الخمور" و"كهلان" و"مظاهر التاجر"..خلال سبعة أيام فقط
قبل ثمانية أشهر من
الآن كنت قد نشرت في هذه المدونة موضوع بعنوان "تسعة أسباب ونتيجة واحدة في
قضايا الواتساب العمانية"، جاء الموضوع بعد أن أصبح حديث الشارع العماني حينذاك عن
كتيب "ملح"، وكان قبل ذلك قد صال وجال الواتسابيون في قضية "سياكل
سمائل"، وقبلها بقليل عن "مكي"، وغيرها من المواضيع التي استحوذت
على مواقع التواصل الاجتماعي في السلطنة.
اليوم، ينتظر الكثير من
الشعب العماني وبـ"شغف" تغريدات التاجر (مظاهر التاجر) الذي شغل
الواتساب وتويتر والفيسبوك العماني خلال دقائق فقط من أول تغريدة له يفيد من
خلالها بأنه سوف يقوم بنشر وثائق وتسجيلات تثبت تورط عدد من المسئولين في قضايا
رشوة اليوم في العاشرة صباحا، فانتشرت تغريداته كانتشار النار في الهشيم، وأصبح
بطل مجالس الناس الافتراضية، فانقسم الناس بين مشكك ومصدق ومتريث ومحلل، وارتفع
عدد متابعيه في تويتر من أقل من ألف متابع إلى ما يقارب (11) ألف متابع خلال ساعات
قليلة فقط!!.
قبل يومين فقط كان ما
يحتله "مظاهر التاجر" اليوم من مساحة الحديث بين العمانيين كان يحتلها -بقليل-مساعد
المفتي الشيخ كهلان الخروصي بعد أن قامت احد الصحف المحلية بنشر تغطية صحفية
لمحاضرة ألقها وعنونتها بعبارة "أصحاب شبكات التواصل الاجتماعي لا ينتسبون
إلى ديننا وعاداتنا وتقاليدنا"، فانطلق البعض للتحليل
بين مؤيد ومعارض وموضح، يومين فقط وانتهت حالة "كهلان" لتدخل الجموع في
"التاجر"، وأصبح "كهلان" من الماضي، وكان قبل ذلك بأيام يحلل
الواتسابيون في موضوع قانون منع الخمور والشيشة،وقبله موضوع الميزانية وموضوع
انخفاض أسعار النفط. وأجزم بأنه خلال أربعة أيام أخرى ستكون هناك "علكة"جديدة. فكم علكة مضغت خلال الأسبوع الفائت؟!!
ولكي لا أطيل، سأدرج خلال
الأسطر التالية ما نشرته سابقا عن حالة التحول المثيرة في واتسابيات وتويتر
العمانيين.
.....
دائما ما أتساءل بـ"استغراب" عن واقع ما يسمى بـ"الرأي العام"
في السلطنة، فهو يتشكل بصورة لا تخلوا من الغرابة إذا ما حكمّنا المنطق، فخلال
الفترات الماضية مرت على المجتمع المحلي حالات لا يستطيع أي مختص في قضايا الرأي
العام أن يجد تفسيرا فوري لها، الأمر يحتاج لمزيد من الوقت حتى تحكم على هذا
الواقع، شخصيا وقفت على حالات "رأي عام" عديدة لغرض إشباع غريزة الفضول
لدي، اليوم.وعلى خلفية الضجة الإلكترونية بسبب كتاب "ملح" للقاصة بدرية الإسماعيلية
فقد انبلج الصبح واتضحت الرؤية بما يكفي-رغم وجود بعض الضبابية هنا وهناك. الآن.."اعتقد"
أني استطيع أن اخرج بتسعة أسباب عن واقع الرأي العام في السلطنة-(إن صح التعبير)
وقد لا تكون دقيقة بما يكفي، ولكن اطلب منكم أن تبدوا رأيكم فيها وفي
"واقعيتها"، ونتيجة واحدة سأذكرها في الختام.. اسردها كالتالي:
1- رسالة "وأتساب"
أو"تغريدة" واحدة تكفي لتحريك جموع الشباب العماني حتى ذاك الذي لا يستخدم
الواتساب أيضا، فستصله من حيث لا يحتسب.
تفصيل:
ما يصل على الواتساب
يتم نشره مباشرة في غضون ثواني فقط في كلا من تويتر فيسبوك وانستجرام وتلجرام
وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي.
من لا يملك شيء منها
تلك فستصله عن طريق الندماء في المجالس، وحتى وهو في "التاكسي" سيخبره
الغريب عن ما يتداول اليوم عبر الهواتف من باب قتل الملل، وهكذا الدائرة تتسع بشكل
سريع جدا على شكل بؤر متقاربة تتسع حلقاتها كل دقيقة حتى تتداخل مع بعضها البعض.
فلك أن تتخيل أنك تشاهد تلك الدوائر من طائرة على ارتفاع عالي وهي تتداخل ببعضها
البعض.
2- يتشكل ما يتسمى
بـ"الرأي العام العماني" إثر مواضيع محددة، وهي تشكل في مجملها غرائز الإنسان
واهتماماته الأساسية في الحياة.
تفصيل:
-المواضيع
الجنسية سواء بعبارات صريحة أو بالتلميح / سواء على شكل صورة أو نص نثري أو شعري
/أو فيديو/ وسواء كانت مواضيع جادة أو عبارة عن نكت وطرافة/ وسواء كانت عن الجنس
الشرعي"الزواج" أو الجنس خارج إطار الزواج.
-ثم يأتي تاليا في
الأهمية المواضيع المالية/ وكل ما يتعلق بها، سواء كرسائل عن زيادة الرواتب أو
منشورات عن أموال الآخرين، ويدخل في نفس الإطار ما يتعلق بالسرقات المالية والاختلاسات
وما شابهها، وكلما كبرت القيمة المالية كلما زادت سرعة ورقعة الانتشار. كما يتضمن
أخبار الشخصيات التي لها علاقة بهذا الجانب مثل ما حدث مع الوزير المسؤول عن
الشؤون المالية الحالي والسابق، وشاهدنا مؤخرا كمية التفاعل في موضوع
#ميزانية_2015.
-المواضيع الدينية،
ومنها الفتوى الغير مألوفة أو أحكام جديدة وغير متوقعة في أمور حياتية معينة، أو
مواضيع ما يسمى بـ"الصراع المذهبي"، أو أخبار تطاول على رموز دينية مثل
الرسول الكريم (ص) أو علماء الدين، وما يدخل في هذا الإطار.
-المواضيع السياسية،
والصراع بين الساسة في بلد واحد أو بين أكثر من بلد، أو بين الأفراد أو الجماعات
ضد الساسة أو العكس،أو الصراع بين الحضارات أو الثقافات المختلفة (الثقافات
المسيسة وليست الأدبية).
-المواضيع المناخية وما
يختص بالمنخفضات أو الأعاصير والأمطار.
-المواضيع الرياضية.
3- العمر الافتراضي لحالة
الشحن العام في السلطنة "خمسة أيام"، قد تقصر أو تزيد ليوم أو
يومين.
4- القضايا الجديدة تقتل
ما قبلها بصورة بشعة، فحتى لو كانت القضية "أ" قد وصلت لقمة غليانها
فبمجرد ظهور قضية جديدة وإن كانت ذات أهمية أقل فستمحو ما قبلها، وكمثال:
"مظاهر التاجر" أطفا شمعة "كهلان"، والأخير أطفا شمعة "الخمر
والشيشة"، والأخيرة أطفت شمعتي "درويش" وشمعة "موازنة2015".
5- لا توجد تخصصية لدى
الشباب العماني فيما يختص بأولويات اهتماماتهم، فما يصل في جروب الواتساب يصبح من
اهتمامه، اليوم يحلل في الرياضة وغدا في الدين وبعده في الإقتصاد وفي الميزانية
وانخفاض النفط وبعده في شؤون المناخ والطقس وبعدها في السياسة وداعش وهكذا.
6- يمكن توجيه مسار انتشار
أي قضية ضمن المواضيع المذكورة من خلال زاوية الطرح للقضية، بمعنى أن الرسالة
الأولى هي من تحدد "سلبية" أو "إيجابية" تناول القضية، فيمكن
أن تجرب طرح قضية معينة خلال هذا العام على أنها "سلبية" فيستقبلها
الناس بنفس الفكرة وتجد التأييد، وذات القضية لو طرحتها العام القادم ولكن على
أنها "إيجابية" فستجد نفس المؤيدين لـ"سلبيتها" سابقا يؤيدون
"إيجابيتها".
مثال: تم طرح قضية وجود بعض
الفقرات –محل الخلاف- في قصص بدرية الإسماعيلية في كتابها "ملح" بسلبية،
على أساس أنها "خادشة" للحياء، بينما كان سيناريو طرح مغاير سيجد الانتشار
أيضا لو طرحت بنظرة "إيجابية" على أساس أن حرية التعبير مفتوحة في
السلطنة وأن مجتمعنا لم يعد يهتم بأنثوية أو ذكورية القلم، وبأن الحديث عن ما يحدث
خلف الأسوار أصبح متاح لمن أراد.(هذا مثال توضيحي على توجيه القضية-وليس رأي في
"ملح").
7- بناء على التعليقات
والنقاشات التي تنتشر أثناء كل قضية، فإنه من الواضح بأن السواد الأعظم(وليس الكل)
غير مطلع أو غير قارئ وبمعنى أخر "يفتي فيما ليس له علم"، وإنما يشارك
وينشر ويعلق من باب "خوضوا مع الخائضين".
8- "عاطفة
التضامن" هي الإطار والقالب الذي تدور حوله أغلب القضايا المنتشرة، فأن تقول
بأن فلان الفقير قد ظلمه فلان الغني فأنك تضمن حالة تضامن شعبي لفلان الفقير حتى
لو كان في الواقع هو الظالم.
9- "التشفي" هي
ظاهرة عامة في الانتشار الواتسابي والتويتري والفيسبوكي، فمثلا لو أن دولة
الإمارات قد اتهمت في يوما ما بسرقة موروث عماني –على سبيل المثال، فإن أي قضية
تكون الإمارات فيها طرف نزاع مع احد الدول الخليجية فإنه من باب التشفي سينتصر أو
يؤيد الانتشار العماني العام؛الدولة الأخرى تشفيا بما فعلته الإمارات وليس بسبب
لأسباب أخرى –أؤكد بأن هذا مثال توضيحي فقط وليس بالضرورة أن يكون حقيقة).
الخلاصة:
نتيجة تحتمل الصواب: لا
يمكن أن نطلق مصطلح "الرأي العام" بمعناه الحقيقي على الرأي العام
المحلي، وذلك بسبب أن "الوعي" العام في السلطنة بخصوص تناول القضايا لم
يصل لمستوى يؤهله ليكون محصنا ضد عمليات التوجيه فيها ، فمن خلال النقاط التسع
يتضح سيطرة "العاطفة" وربما في أحيان هشاشة "المعلوماتية" لدى
طبقة واسعة من الشباب العماني الذين هم محور ومحركي "البؤر" في انتشار
الرسائل أو الصور أو الفيديوهات.
سؤال:إذن ماذا يمكن أن
نسمي هذه الحالة؟!!
جواب: مصطلح "حالة تعبئة عاطفية
مؤقتة"
هي أقرب ما ينبغي أن نطلقه على المشهد العماني العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق