(1)
لعل أكثر قضية أهميةً وتعقيداً على مستوى
الرأي العام العماني هي قضية الباحثين عن عمل، التعقيد يكمن في غياب الرأي العقلاني،
فما نسمعه في مجالسنا أو نقرأه في مواقع التواصل الاجتماعي للأسف يصب في اتجاهين،
"مع" أو "ضد"، فإذا كنت "مع" مطالب الباحثين فيعني أنك
ضد الحكومة، وإذا كنت مع إجراءات الحكومة فتعتبر ضد الباحثين، وكُلاً يركل الكرة في
ملعب الآخر، وهذا بالتأكيد سلوك غير منطقي، فالجميع يؤمن يدرك بأن هذه قضية وطنية وبالتالي
هي قضية الجميع، وليس هناك من يقف "ضد" الآخر، فهدف الجميع هو توفير وظيفة
مناسبة لكل شاب عماني باحث عن عمل، الفرق فقط هو من نافذة ترى هذه القضية. وحتى نخرج
برأي وسطيّ غير منحاز علينا أولاً وأخيراً أن نتجرد من العاطفة.
(2)
أركان القضية:
**باحثين عن عمل**
**جهات حكومية تنظم التوظيف**
**قطاع حكومي**
**قطاع خاص**
**عمالة وافدة**
(3)
في السنوات القليلة الماضية قامت الحكومة
بتوظيف أعداد كبيرة جداً من الباحثين عن عمل في المؤسسات الحكومية، حتى عانت بعض
المؤسسات من تكدس للموظفين، وأصبحت لا تحتمل أي زيادة إلا حسب الاحتياج وفي وظائف معينة.
وهذا أمر طبيعي، فليس من المعقول ولا المنطقي أن تستمر الحكومة في توظيف كوادر لا ترتجي
منهم أي إنتاجية بسبب تكدس الموظفين، حينها سيكونون عالة على المؤسسة.
وبالمختصر: القطاع الحكومي أصبح لا يستوعب
أي زيادة في أعداد الموظفين.
(4)
الباحثون عن عمل لديهم مطلب أساسي، وهو
حق التوظيف، بجانب مطالب أخرى مثل رفع الرواتب بحيث تساوي رواتب الموظفين الحكوميين
بحسب المؤهل الدراسي.
(5)
يعمل في القطاع الخاص مئات الألاف من العمالة
الوافدة، الجزء الأكبر من هذا العدد هم العمالة المشتغلين في وظائف بسيطة مثل عمال
البناء والزراعة والنظافة والوظائف الغير تخصصه، كما يعمل جزء كبير في وظائف مهنية
مثل النجارة والميكانيك والحدادة وغيرها، إلا أنه يوجد عدد كبير أيضاً يعمل في وظائف
إدارية وهندسية في مختلف المستويات.
(6)
الجهات المسؤولة عن التوظيف تدرك حقيقة
أنه لا يمكن استيعاب أعداد الباحثين عن عمل والمقدرين حسب آخر إحصائية بنحو (47) في
القطاع الحكومي، فتوجهت إلى القطاع الخاص.
ومن منظور رياضي بسيط فإن القطاع الخاص
يمكنه أن يستوعب بكل سهولة وسلاسة هذا العدد من الباحثين عمل، نظرا لعدد العمالة
الوافدة في القطاع، فلماذا لم يتم ذلك سريعا؟!
الجواب هو ما صرحت به وزارة القوى العاملة
بأن عدد من الشركات القطاع الخاص لا تتجاوب مع عملية توظيف المواطنين.
فلماذا هي غير متجاوبة؟
حسب وجهة نظر أصحاب الشركات- وهي نظرة تجارية
بحته:
1- أن العماني سيتقاضى راتباً أعلى من الوافد.
2-العماني يملك الشهادة لكن لا يملك الخبرة
الكافية مثل الوافد الذي على رأس عمله.
3-إنتاجية العامل العماني أقل من إنتاجية
الوافد الذي جاء من بلاده ليكرس كل وقته في عمله فقط.
ميزان:
العلّة الثانية والثالثة هي علل واهية ومردود
عليها، وفي أقل تقدير هي ليست مبرراً، لأن الخبرة تأتي من الممارسة والتدريب، فإذا
كانت الشركة جادة في التوظيف فستعمل على تدريب العماني أولاً حتى يكتسب الخبرة، ولأنه
ليس من المنطقي أن يكون باحث عن عمل ولديه خبرة وهو لم يحصل على فرصته في أي وظيفة،
فمن أين ستأتيه الخبرة؟!، أما العلة الأولى فكل ما تحتاج لزوالها هو حس الوطنية والإنسانية،
فالشركة التي تكون أرباحها السنوية عدة ملايين من الريالات أليست قادرة على زيادة راتب
موظف عماني لديها!!
(7)
وزارة القوى العاملة أعلنت أنه تم توظيف
أكثر من (7) الآلف عماني ضمن الأوامر السامية قضت بتوظيف (25) ألف باحث عن عمل، ولأنه
لا مجال لتوظيف هذه الأعداد وغيرها إلا في القطاع الخاص إلا أن هذا القطاع-وكما هو
واضح- لا يقوم بدوره أو أنه غير متحمس لتوظيف العمانيين للأسباب التي ذكرناها، فإنه
لا بد من الحكومة أن تتخذ موقفاً صارماً تجاه هذه الشركات-وإن كان البعض يرى أن هذه
الصرامة قد تؤثر في جذب الشركات الجديدة- إلا أنه شر لا بد منه، بجانب توسيع عملية
التعمين لتشمل الوظائف الهندسية والإدارية وغيرها.
(8)
بعض الباحثين عن عمل صبروا سنوات دون وظيفة
فبالتأكيد لن يكون هناك ضير في صبرهم أشهر قليلة قادمة حتى تأخذ وزارة القوى العاملة
وقتها في توفير العدد المستهدف للتوظيف، ولتكون عملية التوظيف مستمرة دون توقف.
المرحلة القادمة:
**قرار حازم صارم من قبل الحكومة
للشركات التي لا تلتزم بتوظيف العمانيين أو نسبة التعمين**
**حتى نصل للهدف وهو توظيف الباحثين عن
عمل لابد أن نعطي وزارة القوى العاملة وبقية المؤسسات المختصة بالتوظيف وقتها،
فعملية التوظيف تسير نحو منحنىَ تصاعدي، وهذا يبشر بالخير**
**توسيع
دائرة التعمين بحيث يشمل وظائف جديدة للعمانيين فقط مثل وظائف المحاسبة والإدارة
وبعض الوظائف الهندسية والميكانيك ووظائف قطاع النفط والغاز**
**توسيع المعاهد والكليات التقنية
وإضافة تخصصات مهنية جديدة كالنجارة والميكانيك لتهيئة الشباب للعمل وفقاً لاحتياجات
السوق، والأخذ بيدهم لإنشاء مشاريعهم
الصغيرة بعد التخرج دون الحاجة للتوظيف في أي قطاع**