|
اللوحة التي تستقبل القادمين لمطار مسقط الدولي ومكتوب عليها الحديث الشريف "لو أن اهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك" |
يقول الرسول الكريم (ص) في الحديث الشريف: "لو
أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك"، ولطالما شعرنا بالفخر والاعتزاز بشهادة
الرسول صلى الله وعليه وسلّم لدرجة أن أول لوحة تستقبل القادمين إلى مطار مسقط الدولي
تتزين بفخر بهذا الحديث الشريف.
ألوفٌ مُؤلفة من الزوار والسواح بمختلف
جنسياتهم ومراتبهم ومستوياتهم أكدوا على طيبة أهل عمان ودماثة أخلاقهم حتى مع ممن
يخالفونهم الرأي، وهناك الكثير من الشهادات الموثقة من شخصيات اعتبارية تشهد بتفرّد
العمانيين بالهدوء وحسن التعامل مع الآخرين وبدماثة أخلاقهم وخاصة في التحاور
والحديث مع الآخرين.
ومع ثورة مواقع التواصل الاجتماعي لطالما
أيضاً تناقلنا التغريدات والمنشورات والمقالات التي تمتدح العمانيين وأخلاقهم
واسلوب تعاملهم ولغة تخاطبهم مع الآخرين، بعض التغريدات وصلت لعدد قياسي جداَ
بالنسبة لصاحب الحساب في عدد "إعادة التغريد والتفضيل والإنتشار" بسبب
تعاطف العمانيين معه ومع إطراءه، لدرجة أن البعض يتعمد إطراء العمانيين من أجل
الحصول على انتشار واسع بين مستخدمي مواقع التواصل في السلطنة.
لكن مع مرور الوقت؛ يتضح للمتمعن في طبيعة
المشاركات في "الهشتاجات" العمانية أن لغة التغريد أو الكتابة والتخاطب
مع الآخر من قبل المغردين العمانيين بدأت تتغير شيء ما، لا استطيع أن أضع نسبة
دقيقة لهذا التغيير لأني لا أملك أدوات قياس موضوعية أو معتمدة ولكن بمجرد تصفح
الهيشتاقات والتغريدات والردود على بعض المؤثرين أو المعروفين وغير المعروفين ما
يصلك في مجموعات الواتساب وغيره يتضح (بكل وضوح-حسب وجهة نظري الشخصية) أن تغييراً
حدث –في عدد كبير من المعرفات العمانية-أو التي هي بأسماء عمانية- خلال عاميين،
وتزداد حدة التغيير خلال الأشهر الأولى من هذا العام، التغيير شمل التالي:
- لغة التخاطب (اسلوب جاف في التخاطب مع
الآخرين ولو كان ذا شهادة علمية كبيرة )
-درجة تقبل الرأي الآخر (أقرب إلى "إذا
لم تتفق معي فأنت عدو")
-أسلوب الرد (يميل للجفاف أو غير وديّ)
-استخدام كلمات حادة لم تكن من قبل ذات
انتشار
فيا ترا ما سبب هذا التغيير-بغض النظر عن ما
إذا كان تغييراً طفيفاً أم لا- ؟
أعتقد بأن الأسباب التالية لها دور في حودث
هذا التغيير:
*مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت كالمجلس أو
السبلة الواحدة التي يتسامر فيها أشخاص من مختلف "الجنسيات"
و"الأعراق" و"المدارس الفكرية" و"الشهادات العملية"
و"اسلوب التربية" ومقياس "الأخلاق" التي نشأ عليها في تلك
البلد، كل ذلك كان متاح سمعياً وبصرياً للمغردين العمانيين، ومع تكرار المشاهدة
يكون من الطبيعي أن يتأثر كما يؤثر*
*الأزمة الخليجية والأزمة اليمينة وأزمة
سوريا وقضية الإخوان وما نتج عنها من تشبيح إلكتروني وبلطجة لفظية وملاسنات وشتائم
ونشر غسيل الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى أعلى مستويات، فدخل المثقف
والسياسي والأديب والرياضي والفنان والتاجر والبائع المتجول والعامة –وتبعهم الغوغاء- في نفس الساحة، أصحاب بعض هذه الملاسنات والمشادات كان يستغل تعاطف
بعض المغردين العمانيين ليقفوا مع رأيه، وبالتالي ومع مرور الوقت يتأثر المغرد
العماني كما يؤثر أيضاً* .
*تزامن مع وصول ذروة الملاسنات الإقليمية مع وصول
ذروة بعض القضايا المحلية مثل قضية الباحثين عن عمل وقضية ارتقاع سعر المنتجات
النفطية، فكانت كالمصب الذي يفرغ فيه المغرد العماني ما اكتسبه عقله الباطن جرى مشاهدته
ومتابعته للملاسنات الإقليمية والخليجية، فتأثر اسلوبه وطريقة مخاطبته ونقاشه
وطرحه للمطالب بتلك الملاسنات فأصبح "البعض" هجومياً وبشراسة لم نتعود
عليها من قِبل المغردين العمانيين* .
*طريقة طرح المطالب المعيشية من قبل مغردو
بعض الدول المجاورة تأثر بها المغرد
العماني-ولو بطريقة غير مباشرة- لتسبب تأثيراً –ولو بسيطاً- على اسلوب طرحه
للمطالب في السلطنة (اسلوب الطرح وليس نوعية المطالب)* .
قد نختلف في نسبة التغيير أو (انحراف المسار)
لكن الأرجح بأننا سنتفق على أن هناك فعلاً تغييراً قد حدث في اسلوب المخاطبة ومدى تقبل الرأي الآخر
ودخول مصطلحات غير مألوفة أو كانت محدودة الاستخدام، كل ذلك يلفت النظر لضرورة
"الالتفات" لما كان عليه المغرد العماني من بساطة وترحيب وتقبل الآخرين
مهما كان مدى الاختلاف مع توجهاتهم ووجهات نظرهم، مصداقاً لقول الرسول الكريم "لو
أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك".
(مدونة حكاية نفر 11 فبراير2018م)