جاء في الحديث الشريف عن علامات المنافق
:"وإذا خاصم فجَرَ"، وفسّر الحافظ ابن رجب هذا الحديث بقوله " يعني
بالفجور أن يخرج عن الحق عمداً حتى يصيّر الحق باطلاً والباطل حقاً، وهذا مما يدعو
إليه الكذب"، وفي الشرع الفاجر هو المرتكب للمعاصي، وفي المعجم فجَرَ أي حاد
عن الحق فظلم نفسه، ولأن الفجور صفة ذميمة فقد حذّر أهل العلم من مماشاتهم، وورد
لإبن المقفع صاحب (كليلة ودمنة) قوله: "إجتنب أهل الفجور وإن كانوا ذوي
قرابتك". وفي المعنى العام هو الشخص الذي ينقلب على أحد معارفه أو اصدقائه
لمجرد حدوث خلاف فيحوّل ذلك لخِصام، ولا يكتفي لذلك الحد بل يتقّوّل على خصمه
بكلام غير صحيح ويحاول جاهداً أن يؤذيه بتشويه صورته لدى الناس ونشر الشائعات عنه
والطعن حتى في شرفه، وقد يصل لأبعد من ذلك لحدٍ كبير، ولهذا وصِف بالفجور في
الخصام.
في حياتنا الإجتماعية قد نصادف الكثير من أمثلة
الخِصام والقليل جداً منه ما يصل لحد "فجور الخِصام"، وهذه طبائع في
المجتمعات البشرية، فالخلافات بين الأشخاص مستمرة منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل، وفجور
الخصام-رغم قلته- يحدث بين فرد وآخر، لكن أن يخاصم "مواطن" وطنه وأرضه
وبلاده فهذه من النوادر العجيبة والغريبه، والأغرب من ذلك أن يصل ذلك الخصام لحد
الفجور على الوطن، نعم يحدث أن نختلف مع المسؤولين والوزراء، ويحدث أن ننقد ونَنتقد
ونُنُتقد، ويحدث أن نشتكي ويُشكى علينا، ونغضب ويُغضب علينا، ويحدث أن نمثُل أمام
المحكمة لسببٍ أو لآخر، ويحدث الكثير والكثير، لكن ما لا يمكن حدوثه أن نهجر وطننا
وننادي من الخارج بتقسيمه؛ ونثُير النعرات المذهبية والفتنة الطائفية، ونتعدى على المكون
الإجتماعي فيه، ونشر الأكاذيب والأخبار الملفقة، وغيرها من الأفعال التي تندرج تحت
"الفجور في الخصام" بل أشد من ذلك، وللأسف ما كنّا نعتقد أنه من
المستحيل أن يحدث قد حدث فعلاً، ومن مواطن عماني رمى نفسه في حضن منظمات تدعي أنها
منظمات حقوق الإنسان، ثم كفر بالوطن وفجَرَ به ونعق بتقسيمه.
هناك آخرون ممن يقولوا بأنهم من دُعاة حقوق
الإنسان، وأي مواطن عماني قد يتفق معهم في بعض الآراء ويختلف معهم في آخرى، لكن لن
تجد أيً من أبناء عمان الكرام من أقصى ضلكوت وحتى جزر بنات سلامة بخصب من يرضى
بإثارة الفتنة المذهبية وتقسيم الوطن ونشر الأكاذيب عنه، فوحدة الوطن خط أحمر، بل
سداً أحمر لا يمكن المساس به، وستبقى عمان للأبد شامخة كشموخ سمحان والجبل الأخضر.
حكاية نفر 29أبريل2017م