الأربعاء، 17 أغسطس 2016

من الرومانسيات المنسية: لعبة آجييدل أو الموقد بمحافظة ظفار



الصورة كما وردت في الكتاب، توضح طريقة اللعب ، حيث تكون بين كل شابين فتاة، ويتم تناقل موقد الشعلة حتى تنطفي في يد سعيد الحظ



لعبة الموقد (آجييدل)
يذكر الكاتب علي بن أحمد الشحري في كتابه "ظفار كتاباتها ونقوشها القديمة" الطبعة الأولى 1994م (ص347)، عن لعبة شعبية قديمة كانت تمارس في محافظة ظفار، وتسمى لعبة الموقد (باللغة الشحرية آجييدل). يقول الشحري في كتابه:

"هذه اللعبة يلعبها صبيان العرب ، وهي لعبة لا تزال قائمة إلى اليوم في ظفار، وتسمى في اللغة الشحرية "آجييدل" وتعني الموقد.

 ومن شروط اللعبة  أن تكون مجموعة من الصبيان والبنات مجتمعة حول موقد النار على شكل دائرة بحيث يكون بين كل اثنين من الصبيان بنت وهكذا حتي تكتمل الدائرة، ثم يبتدئ اللعب وذلك بواسطة أخذ أحد العيدان الملتهبة بالنار ويتم تمرير العود من شخص لأخر وأثناء التمرير يردد الجميع (آجييدل لمون تربيب ، آجييدل لمون تربيب..) وباستمرار، وهذا يعني (أيها الموقد من تحب أيها الموقد من تحب الخ).

ثم يستمر تمرير الموقد الملتهب بسرعة حتي ينطفئ في يد أحدهم والشخص الذي تنطفئ في يده الموقد يتوجب عليه أن يختار شريك حياته من بين الحاضرين وبطريقة إجبارية وليست اختيارية ، أي وجب عليه اختيار من يرغب في الزواج من بين الحاضرين.

والقصد من اللعبة هو بالإضافة إلى أنها من أجل التسلية , فإنها أيضاً من أجل خلق الجرأة بين الشباب للإعلان عن حبهم ومحبيهم.

 وقد كان من شروط اللعبة الأساسية هو الصدق في الاختيار ، أي أنه إذا كان بين الحاضرين اثنين متحابين وحدث بأن أحدهم اختار شريك من غير الحبيب خجلاً أو من أجل الإخفاء ، فإن الجميع تبلغه بأنه غير صادق وأن الناس تعرف بأنه يحب فلان الحاضر وعليه أن يختاره وإلا سيكون كاذب ، ومن الملاحظ أثناء اللعب بأن الجميع يحاول بأن يمرر الموقد بسرعة إلى الآخر حتى يتجنب الإحراج في الاختيار ، وأن هناك أحيانا اتفاق خفيّ بين الغالبية على أن تُخادع في اللعب حتي ينطفئ الموقد مع أحد العاشقين .

ومن المعروف بأن المجتمع في محافظة ظفار يبيح الإعلان عن الحب للرجل والمرأة , ولا حرج على العاشق بأن عن يعلن بأنه يحب فلان أو فلانة ، (.........) فالحب لا يعرف الممانيع ، وحتي التغزل بالحبيب أو الحبيبة أمر مُستحب بل وأنه مشجع من قبل الجميع، لأنه  يمكن من خلال التغزل بالحبيب أن يصبح له أو لها شهرة كبيرة وبذلك تصبح حديث الناس والكل يتمني لهما النجاح ويتمني رويتهما , وهناك شروط لهذا الحب لا يمكننا شرحه هنا".

الجمعة، 12 أغسطس 2016

"رشمي الهندية" تسجن "الزمن العمانية" في عيد ميلادها التاسع



 القضية الأكثر تعقيدا تُدحرج "الزمن" نحو القضبان

في الذكرى التاسعة لتأسيسها في 12 أغسطس2007م، للمرة الثانية في تاريخها، تُحال جريدة الزمن وصحافييها للقضاء، وبنفس السيناريو  السابق تماما، سيناريو عام 2011م فيما عُرف بـ"قضية وزير العدل، لكن هذه المرة بثقل أكبر وبتهم أثقل شيء ما عن القضية السابقة، التهمة هنا قد تتعلق بالتشكيك بنزاهة القضاء، أما التهمة السابقة التي حُكم على الزمن بشأنها بالإغلاق شهر وسجن ابراهيم المعمري ويوسف الحاج وهارون المقيبلي خمسة أشهر ، هي تهمة "الإهانة والافتراء" لوزير العدل ووكيل الوزارة آنذاك.

اليوم، تقف جريدة الزمن خلف القضبان في قضية معقدة، وبسبب قضية أكثر تعقيدا، وبسبب أحداث مترابطة، أي حدث مسبب لحدث لآخر، قضية "رشمي" كانت الانطلاقة والسبب الرئيسي لكل هذه الأزمة المعقدة، المحامي الحبسي أوصل القضية للزمن بما لديه من وثائق، الزمن على ضوء الوثائق تلك خرج بمانشيت  عريض "جهات عاليا تغل يد العدالة"، قالت فيه بأن رئيس المحكمة العليا اوقف حكما قضائيا، لكن الزمن أضافت عبارة خطيرة وهي محل الاتهام :" المصالح التجارية مع مسؤولين نافذين تعطّل حكما قضائيا وسط شبهات بالتدخل في إجراءات المحاكمة"، هذه العبارة ليس من السهولة أن تقال عبر الصحف، وليس من عادة الزمن أن تقع في مثل هذه الهفوة القانونية، حيث من المعروف أن الصحفي لديه رقابة ذاتية تعتمد على ثقافته القانونية، أي أن الصحفي يضع ما يكتبه في ميزان القانون قبل النشر، وهذا ما كانت تعمله الزمن خلال أغلب مواضيعها المنشورة منذ انطلاقها في 12 أغسطس عام 2007م.


الآن دعونا ننظر للتداعيات التي تجر بعضها البعض-ولم تنتهي بعد:

1)         بما أن هذا الموضوع حضي بانتشار واسع جدا في الرأي العام العماني، قامت الصحيفة بنشر خبر أخر في اليوم التالي عن نفس الموضوع نقلت ما تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي.

2)         على ضوء ذلك قامت السلطات العمانية باحتجاز رئيس التحرير الاستاذ إبراهيم المعمري، على أساس أنه المسؤول الأول عن كل ما ينشر في الصحيفة. وهنا أصبح المعمري غير مسؤول عن ما ينشر لاحقا في الصحيفة كونه محتجز.

3)         قامت الصحيفة ونشرت خبر احتجاز رئيس التحرير، وأصبح مسؤول التحرير "يوسف الحاج" في موقع رئيس التحرير.

4)         وزارة الإعلام أصدرت تعميم لصحيفة الزمن بمنع نشر ما يخص احتجاز رئيس التحرير.

5)         صحيفة الزمن استجابت للتعميم لكن بطريقة غير متوقعة، حيث قرر مسؤول التحرير وضع المساحة المخصصة للخبر الرئيس في الصفحة الأولى فارغا، "مساحة بيضاء".

6)         هذا الأمر أدى لانتشار الخبر خليجيا وعربيا، وحظي بتغطية بعض المواقع العالمية القليلة.

7)         هنا قامت السلطات العمانية باحتجاز الصحفي "زاهر العبري" –رغم أنه لم يكن في موقع المسؤولية المباشرة لوجود مسؤول التحرير.

هذا الاحتجاز ساهم في توسع نطاق دائرة الانتشار للقضية، وزادها شيء من التعقيد.

8)         على ضوء ذلك الانتشار وجد الشيخ علي بن سالم النعماني نائب رئيس المحكمة العليا فرصة للحديث (بغض النظر عن دوافعه ومقصده وما إذا هدفه تصفية حسابات فقط أم لا)، لكن وجدها فرصة سانحة لأن مسؤول التحرير في الزمن أصبح مشحونا ويمكنه نشر كل ما يراه انه يخدم قضية الصحيفة ومصداقيتها.

تحدث النعماني بحديث غير مسبوق، وبجرأة غير معهودة، وباتهامات مباشرة وصريحة لرئيس المحكمة العليا وللمدعي العام، وبلغة قوية تبتعد عن التهذيب اللغوي.

9)         هذا اللقاء أصبح حديث الصغير والكبير في السلطنة، ويبدوا أن وجد تشجيعا من مؤيديه، فتحمس مرة آخري، وأدلى بتصريحات اقوى من السابق، وقال أنه سيعتقل رئيس المحكمة العليا!!

10)                        كما قامت الصحيفة بنشر خبر احتجاز الصحفي زاهر العبري.

11)                        هنا قامت السلطات العمانية باعتقال يوسف الحاج.

12)                        وأصدرت وزارة الإعلام أمر بإغلاق الصحيفة دون تحديد المدة الزمنية.

13)                        هذا الإغلاق تسبب في ردود فعل محلية وعربية ودولية، وأدانته أبرز المنظمات الحقوقية في العالم، وتحدثت عنه أغلب القنوات الإخبارية المشهورة.

14)                        هنا صرحت الحكومة أن ما حدث هو تعدي لحرية الرأي، وانها ستقدم المتهمين للمحاكمة.

الملاحظ أن القضية تسير في خط تصاعدي-ولازال يتصاعد، وكأنها كُتبت أحداثها بالأسلوب الروائي أو القصصي، أعتقد أن هناك ثغرة "عقلانية" في إدارة هذه الأزمة –إن صح التعبير، الصحيفة أخذها شيء من الحماس السلبي أو تأثرت بالمشاعر السلبية دون الأخذ بالأسباب من اعتبارات وتداعيات قانونية على كل ما تقوم بنشره، وأقصد هنا بعد الموضوع الأول، وفي الجانب الآخر فإن السلطات أيضا ربما تأخرت في توضيح إجراءاتها منذ البداية، فكان من الطبيعي أن تحدث ردة فعل سلبية وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي تجاه أي اعتقال وخاصة أن الاعتقال يتعلق بصحفيين وله علاقة مباشرة  بحرية الرأي والتعبير، والأدهى أنه متعلق بشبهات فساد في السلك القضائي، أي أن الموقف حساس للغاية وعليه من الأنسب أن يتم توضيح أو تبرير أي اعتقال حتى يتسنى لنا كمتابعين وقراء أن نعرف الحقيقة-وليس غير الحقيقة.

ختاما، بما أن القضية أصبحت في يد القضاء، فكل دعواتنا أن تمر هذه التجربة سلاما على الجميع، وأن يتم إطلاق سراح الصحفيين، ومزاولة الصحيفة لعملها الصحفي الذي عهدناه عنها لتكون السلطة الرابعة في معالجة مختلف القضايا بموضوعية وحيادية. ومن البديهي ان نستفيد من التجارب السابقة، لكن لا بوادر للاستفادة من تلك التجارب، وها نحن كصحيفة وكمجتمع وكحكومة نقع في نفس المطب دون الاستفادة من التجارب السابقة.

ومن جانب إنساني-وعلى أقل تقدير، أن يتم معالجة أوضاع موظفي الصحيفة المالية-لحين الانفراج، حيث من الطبيعي أن تكون لديهم التزامات مالية واجتماعية، وتركهم هكذا دون عمل ولا مرتبات قد تتكرس في نفوسهم السلبية تجاه الحياة والمجتمع والحكومة.