الثلاثاء، 29 ديسمبر 2015

كيف يكون انخفاض سعر النفط إيجابيا لنا؟


من المسلّم به أن انخفاض أسعار النفط له تداعيات سلبية على الاقتصاد كوننا دولة مصدرة للنفط، في مقابل تعتبر هذه الأزمة بمثابة النعمة للدول المستوردة،  لكن هل يمكن أن ننظر لهذه الأزمة بنظرة إيجابية كدولة خليجية؟!
 باعتقادي نعم، فكما يقال "من رحم المعاناة يولد الأمل أو الإبداع"، قد تتساءل: على أي أساس اعتبرت هذه الأزمة إيجابية؟!

أولا: منذ عقود تقول الحكومة بأنها تسعى لتنويع مصادر الدخل، والواقع يقول بأن ذلك سار بشكل بطئ جدا على أقل تقدير، والسبب أنها لم توضع في موضع الاختبار الحقيقي، فارتفاع أسعار النفط الذي يغطي عجز الميزانية بكل سهولة بل نخرج سنويا بفائض بالميزانية بمئات الملايين، هذا الأمر لم يخلق دافع قوي للحكومة للتحرك بجدية، أما الآن فقد وضع الحكومة والشعب وجميع مكونات المجتمع موضع الاختبار، وأدرك الجميع معنى ان يكون هناك تنوع حقيقي في مصادر الدخل، وأن النفط يسير نحو الزوال، وأن لا مأمن من جدى استخراجه إذا استمر سعره في الانخفاض، كل ذلك يخلق دافع قوي جدا للتنفيذ وليس للتفكير فقط، لإيجاد مصرد دخل آخر.

ثانيا: قد يقول قائل بأن أزمة انخفاض النفط ليس بجديدة، فقد حدثت سابقا، وأعتقد بأن الوضع الآن مختلف كليا عما سبق، ميزانية الدولة تضاعفت في حين أن انتاج النفط لم يتضاعف، شهد زيادة لكن ليست بالزيادة الكبيرة، في حين أن مصروفات الدولة زادت، أصبح لديها عدة تحديات، منها التوظيف، والتعليم المدرسي والعالي والصحة، وسط ذلك حدث أمر مهم، فالوعي المجتمعي مختلف تماما عما كان سابق، أصبح كل شخص يمكن أن يدلي بدله وبرأيه في هذه الأزمة وهو متكأ على أريكته في منزله بفضل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أيضا يشكل نوع من الضغط على المسؤولين للتحرك بجدية لحل الأزمة بطرق علمية حتى يخففوا من حدة الانتقادات الموجهة إليهم.

ثالثا: في مجال القيمة المضافة للنفط أو الصناعات التحويلية الجانبية لمصافي النفط، ومنها مصانع البتروكيماويات، ومصانع بولي بروبلين ومصانع البلاستيك وغيرها، فإن هذا الانخفاض في صالحها أيضا، سعر خام النفط أقل بكثير عما كان عليه، بالتالي ستكون تكلفة الإنتاج أقل مقابل فائدة التصنيع أكبر وخاصة أنها تعتمد على تصدير منتجاتها.

رابعا: الحرص على ترشيد الإنفاق وإيجاد حلول وبدائل لسد العجز هو تدريب عملي مفيد على المدى البعيد لترتيب الأولويات، مفيد لأنه سيذكر المسؤولين بأمور مهمة، مصروفات تعتبر سابقا من النثريات البسيطة العادي، لكن لو توقفت كانت الفائدة أكبر وهي توفير مبالغ ضخمة، فمثلا سحب سيارات المسؤولين المخصصة للزيارات الميدانية سيوفر مبالغ البنزين والتأمين والصيانة والتبديل وعلاوة السائق وعلاوة الزيارة الميدانية وغيرها من الامور المرتبطة بها، رغم أن هذا سابقا يعتبر شيء لا يذكر وسط الإنفاق الضخم في أمور أخرى. الاستفادة الاكبر ستكون أن تقطع مثل هذه المصروفات نهائيا حتى لو ارتفع سعر النفط الخام، لأنه سيوفر مبلغ يمكن الاستفادة من في أمر أهم. وهذا درس في ترتيب الأولويات.



الاثنين، 28 ديسمبر 2015

تسلسل الأحداث في قضية اعتقال #معاوية_الرواحي بالإمارات


انفوجرافيك مبسط عن تسلسل اعتقال ومحاكمة معاوية الرواحي بدولة الإمارات

  • بتاريخ 24 فبراير2015م قامت السلطات الإماراتية بإحتجاز المدون العماني #معاوية_الرواحي أثناء عبوره الحدود البرية الإماراتية في رحلة تسوق.

  • استمر في الحجز المنفرد ثم في السجن العام عدة أشهر، وقدم بتاريخ 14 سبتمبر2015م للمحاكمة في المحكمة الإتحادية العليا. وتم توجيه تهم تتعلق بإثارة الكراهية والغخلال بالسلم الإجتماعي والتاول على رموز دولة الإمارات. وتم تأجيل الجلسة لموعد آخر.

  • وبتاريخ 5اكتوبر 2015م، قدم للجلسة الثانية للمحاكمة. وتم تأجيلها لجلسة أخرى.

  • وبتاريخ 19 أكتوبر2015م قدم للجلسة الثالثة في المحكمة الإتحادية، وقرر القاضي تشكيل لجنة من ثلاث أطباء لدراسة التقرير الطبي الصادر من مستشفى خليفة. وتأجيل الجلسة لموعد آخر.

  • وبتاريخ 9 نوفمبر2015م قدم للجلسة الرابعة، وتم تاجيلها لعدم جاهزية التقرير الطبي.

  • وبتاريخ 7 ديسمبر2015م قدم للجلسة الخامسة، وتم تأجيلها لعدم جاهزية التقرير الطبي.

  • وبتاريخ 28 يسمبر2015م ، يقدم معاوية للجلسة السادسة، والتي يتوقع أن يتم النطق بالحكم فيها.
تخلل تلك المواعيد بعض الأحداث، أهمها تسجيل صوتي لمعاوية يهدد فيه بالإنتحار في حال لم تضمن له السلطات الإمارات بعض حقوقه ومنها معالجة أسنانه وتأمين نظارة طبية له. ومن الأحداث أيضا لجنة حقوق الإنسان بالسلطنة تصدر بيان تقول فيه بأن السلطات الأماراتية رفضت طلب اللجنة لحضور جلسات المحاكمة أو الإلتقاء به.


معاوية الرواحي


السبت، 19 ديسمبر 2015

موسى الفرعي.. حين ألقى بعصاه



كثير ما أصادف -أثناء تصفحي لتويتر أو الفيسبوك أو مع الأصدقاء- الهمز واللمز، عندما يُذكر اسم (موسى الفرعي)، كثير هم منتقدوه، كما يقدره الكثير، أغلب الانتقادات تتمحور في كلمة "مطبّل"، ربما لا أختلف كثير مع هذا التوصيف لكن دعونا نمسك العصا من المنتصف، ونتحدث عن الفرعي بشيء من الحيادية والموضوعية، أو بالأصح "الإنصاف".

من هو موسى الفرعي؟

حاليا تنطبق عليه صفة "إعلامي"، لكونه يقدم برنامج إذاعي يومي "منتدى الوصال" على إذاعة الوصال، كما سبق أن شارك في تقديم برنامج على السحور على شاشة تلفزيون سلطنة عمان. وكان المدير العام لأشهر منتدى عماني "سبلة عمان"، كما يدير حاليا صحيفة "أثير الإلكترونية". وهو-حسب معرفتي، يحمل مؤهل "ماجستير" في تحليل نظم الحاسب الآلي. وسبق أن عمل في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

لماذا علينا إنصافه؟

أولا: لأنه بالقدر الذي خدم نفسه خدم وطنه، وقدم للساحة الإعلامية والثقافية العمانية شيء يمكن أن يذكر، منتدى الوصال الذي يقدمه يعتبر من أبرز البرامج الإذاعية محليا،-بالنظر للمواضيع المطروحة ومساحة حرية الرأي(وإن كانت أقل من المأمول)،  ولا أعتقد أن شخص مهما كان سلبي تجاه الفرعي أن ينكر هذه الحقيقة. (مع العلم بأن الفرعي قد ورث قوة البرنامج من الإعلامي السابق خالد الراشدي).

ثانيا: قدم للساحة الإعلامية الإلكترونية صحيفة أثير ، والتي تعتبر من أبرز وأنشط الصحف العمانية بجانب صحيفة البلد، ومرة أخرى لا أعتقد بأن هناك ناكر لهذه الحقيقة.

ثالثا: ساهم بشكل مباشر في تسيير ما أسماها بـ"القوافل الثقافية" إلى اوروبا، والتي وصلت إلى ثمان قوافل تقريبا، ابتداء بقوافل "سبلة عمان" ثم قوافل "أثير"، والتي تساهم بشكل أو بآخر في الترويج للعملة الثقافية والشعرية والمسرحية والفنية للسلطنة في الخراج.

رابعا: ساهم بإقامة أكبر تجمع شعري عربي يقام في السلطنة، وهو "مهرجان أثير للشعر العربي"، والذي حظي بتغطية صحفية عربية، أكثر مما حظيت به المهرجانات الشعرية الحكومية نفسها.

مهما اختلفنا مع موسى، ومع اسلوبه، ومع كثرة مديحه، لكن على أقل تقدير هو استغل ذكائه، وعمل على نفسه، وسعى من أجل شخصه ومن أجل وطنه، لا يهم ما انتفع به بقدر ما قدم لنا كمجتمع، الشعار الذي كان يختتم به كل حلقاته (كن رقما موجبا) لم يأتي من فراغ.

لا أود أن أمتدح موسى، وعلاقتي به ليست جيدة منذ أمد بعيد، بسبب ممارسته بعض الدكتاتورية عندما كان مديرا لمنتدى سبلة عمان، رغم تغنيه بشعار "وطن لا مزرعة"، البعض يرى أنه سابقا كان يميل كثيرا نحو المسميات الأنثوية على حساب الآخرين-حسب رأيهم، وغيرها من الانتقادات، لكن ما دعاني أن أكتب هذه السطور عنه أن الكثير من الرفقاء يلمزه بألفاظ لا تنم عن  حيادية وإنصاف، موسى رغم سلبياته قدم الكثير ولذا هو يستحق الإنصاف، البعض يصفه بـ"حكومي" أكثر من الحكومة"، ولا أعتقد بأن هذا يقلل شأنه طالما أنه يجتهد من أجل أن يقدم عملا للمجتمع، فليكن ما يكن طالما أنه يقدم شيء من الحراك للمجتمع.




الاثنين، 14 ديسمبر 2015

عن المشكلة العظمى في بلاد العرب


من المعاضل الكبرى التي نعاني منها- نحن العرب، الإقصاء، وغياب الموضوعية، والإنصاف، وتقبل الآخر والاستماع له، وإطلاق الأحكام جزافا دون استدلال عقلي وعلمي، في أغلب تفاصيل حياتنا يحدث ذلك، حتى في الدين والسياسة والاقتصاد، وفي التعامل مع الآخرين بما فيهم الأصدقاء والأهل، وحتى في غرف النوم أيضا.

نشأت المذاهب الإسلامية في مجملها نتيجة للإقصاء، لا أحد يريد أن يستمع للآخر، ويحاوره ليصلوا لتسوية مرضية للجانبين، وبما يتوفر لديهم من أدلة يحكمها العقل والمنطق والدين، ليس سوى السيف والدم من يفصل بينهم، قانون الغاب هو السائد، حدث ذلك بين الصحابيين علي ومعاوية، ثم بين علي واتباعه، ثم بين معاوية ومن كانوا أعوانه، لتلتقي دماء الأتباع والأعوان ببعضها، واستمر الانفلاق كانشطار الذرة.

 ليس تشاؤما، لكنها للأسف هي الحقيقة التي لا نريد أن نستوعبها.

منذ ذلك الزمان، والهوة تتعمق، والفجوة تتسع، والآذان تصم، والسيف هو الحكم، تعمقت الخلافات لأن السياسي فلان لا يريد أن يستمع لعلان، ففسّر الآية بطريقة لا تتشابه مع تفسير خصمه، وأستدل بحديث من جيبه أو ابتدعه شيخ من بلاطه، وهكذا فعل الآخرون، حتى غصّت الأرض بالأحقاد، وأصبح أكبر همنا تكفير العباد.

خرجت "داعش" من حضننا، لأن خلافا في فهم الشريعة قد حدث، بين الشيخ فلان وآخرون، وكلما ورث وارث من أسلافهم ضرب في الأرض غلُوا، ليزيد الهوة بينه والآخرون، ويصبح كلا في نظر الآخر كافر ومبتدع وخارج عن الملة،  و"يحل" قتله، ليتطور إلى "واجب" قتله، نتيجة ذلك يعود في المجمل للإقصاء والتعصب للرأي وتعطيل "حكم العقل" والموضوعية.

محليا، وعلى مستوى الحياة اليومية، نمارس الإقصاء والتعصب للرأي بشكل مفرط، العمل على مبدأ "من لا ليس معي فهو ضدي" هو السائد، من يمدح الحكومة فهو مطبّل، ومن ينتقدها فهو مغرض وسلبي وحاقد، نقاط الالتقاء ضيقة جدا، بل ما يحدث فعليا هو أسوء من ذلك، أن تتبنى أفكارا لا تتفق مع آخرين ستكون كل الأفكار التي تتبناها لاحقا –في نظرهم غير مرغوبة بها حتى ولو اتفقوا معها في دواخلهم، اللائحة السوداء أو "البلاك لست" تنشط بشدة بيننا.

المثقفين، بكل دول الخليج ومنها السلطنة، يشكل الغالبية منهم خير مثال لحالة إقصاء الآخر، فهناك مثقفين السلطة، ومثقفين الشعب، أو هكذا يطلق بعضهم على بعض، حتى في الإنتاجات الأدبية البحتة مثل القصة والشعر والرواية، تكون الأحكام موزعة بصورة غير عادلة، الحزب الأسود والحزب الأبيض والحزب الرمادي، في السلطنة عايشت صراعا ومعارك لفظية وكلامية –وإن كانت غير مباشرة، بين المحسوبين على المثقفين والإعلاميين، ما يصدره من المثقف الفلاني ما هو إلا "سحت" في نظر المثقف العلاني، ليس لأنه فعلا سيء، بل لأن فلان "ما يدخل المزاج"!!.

هل يصعب علينا كـ"مجتمع" أن نجد حلا لذلك؟!، أو نخفف من حدة انعكاسات الإقصاء؟!

 إذا استطعنا أن نجلس على طاولة واحدة وقلوبنا صافية تجاه من يجلس في الجنب؛ حينها يمكن أن نبدأ