"قابوس.. عندما تربع عرشا من الحب
إن المتتبع للشأن
العماني المحلي هذه الأيام، وخاصة بعد أن أعلن ديوان البلاط السلطاني خبر سفر
جلالة السلطان قابوس –حفظه الله وأسبغ عليه بالصحة والعافية-
لألمانيا لقضاء إجازته السنوية وإجراء بعض الفحوصات الطبية، يدرك جيدا بأن السلطان
قابوس لم يكن متربعا خلال العقود الأربعة الماضية عرش الحكم بل عرش
"الحب".
نسج السلطان قابوس
عرشه -ومنذ توليه مقاليد الحب عام 1970م – نسجه بلبناتٍ من حب، ورسم خارطة عمله
بما يطمح له شعبه وفق ما لديه من إمكانات على أرض الواقع، اجتهد بإخلاصٍ من أجل
عمان الأرض والشعب، شبر أرض السلطنة شبرا شبرا وفي كل شبر ترك بصمة من الحب والعطاء.
لم يتعامل مع شعبه في يوم ما كحاكم ومحكوم بل كان تعامل الأب بين أبناءه، والأخ الأكبر
بين أخوته.
على مرى 44 سنة
مضت، مرت كثير من الأحداث الشاقة والصعبة على البلاد سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي
أو الاجتماعي فكانت بمثابة اختبار حقيقي لهذا الرجل المحنك، فظهرت عظمته في حكمته فكانت
قراراته وأفعاله، كانت السلطنة في قبيل حكمه ملتهبة بالصراعات والخلافات بين
القبائل والتيارات السياسية، وكان الناس يشكون ضنك الحياة، حينها وقف على رابيةٍ
من الحنكة وألقى نظرة بعينٍ ثاقبة نحو الأفق البعيد فخط بيده رسما هندسيا لطريق من
نور، رغم المنغصات والصعوبات ، أكاد أجزم بأن أكثر المتفائلين قبيل حكم السلطان
قابوس لم يكن ليتخيل بأن يأتي رجل ليخلّص عمان بما كانت عليه لتصبح ما هي عليه
الآن، ولربما هي دعوة في دجى الليل خرجت من قلب عجوز تدعوا الله بأن يقدّر على
عمان الخير بيد أحدهم..فكان قابوس.
اليوم .. تلهج
الألسن بدعواتٍ عميقة تضرعا لرب السموات والأرض بأن يحفظ الوالد القائد السلطان
قابوس ويصبغ عليه من فضله بالصحة والعافية، تعج مواقع التواصل الاجتماعي
الإلكترونية والمنتديات بصور للسلطان عليها أدعية وعبارات من الحب لهذا الإنسان
الفريد، كما أنك لا تكاد تمر على مجلسٍ من مجالس العمانيين إلا والسلطان حديثهم.
اكتب هذا وبالي
منشغل فيما قاله أبي الطاعن في السن ليلة البارحة أثناء حديثنا عن السلطان وصحته، قال: "السلطان قابوس ضحى بحياته الاجتماعية
والشخصية من أجلكم ولكنكم تجهلون"، ثم تبللت وجنتاه بدمعتين فوارى وجهه عني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق