الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

معاوية الرواحي:عشت عزلة ثلاث سنوات بسبب خطأين مع القانون

معاوية الرواحي:

عشت عزلة ثلاث سنوات بسبب خطأين مع القانون

"الزمن" تُقرأ في النت أكثر بسبب فرقعاتها الإعلامية

للناشط الحقوقي أقول: كن واقعيا فقط

سقوط العراق هي أكبر نكسة ثقافية أصيب بها العرب


تعمدت إثارة الجدل..والإخوة يتصافعون في البيوت ولكنهم حلفاء

ذهب التدوين وبقيت المدونات فما الذي يبقيني أدون؟

معاوية الرواحي


 حوار-حكاية نفر:
معاوية الرواحي، كاتب ومدون وشاعر ومقدم برامج إذاعية وكاتب رواية وقصة قصيرة، نشر في آخر عامين ستة كتب في الأدب والشعر والقصة والشذرات وله ثلاثة كتب قادمة في معرض الكتاب 2015. تفرغ للتدوين منذ عام 2008م، وأعلن وداعه في نوفمبر 2014م، كشف في احدى منشوراته بالفيسبوك بأنه كان يكتب بعشرات الأسماء المستعارة لعدة سنوات، وترافق ذلك لاحقا مع بدايته للنشر في المحيط الإلكتروني بعدما هجر العمل الثقافي والبرامج الإذاعية لأسباب يوضحها أدناه.

فاز بعدد كبير من الجوائز المحلية في مجال الشعر والقصة منها المركز الثاني في الشعر في مسابقة مسقط عاصمة للثقافة العربية والتي شارك فيها عدد من أكبر شعراء السلطنة، كما قدم البرنامج الإذاعي "الشعر ديوان العرب" على إذاعة سلطنة عمان.

 أثار خلال مسيرته التدوينية الكثير من الجدل ويعده البعض من النقاد "الشرسين" الذين يتخلون عن دبلوماسية الكتابة في حينها انها تحتمل رحابة الصدر، سبّبّ جدلا ووقع في مشاكل قانونية مرتين بسبب نشره بعض آراءه الشخصية تجاه مسائل عامة ومسائل دينية وشخصيات معروفة.

اتخذ خطاب معاوية الرواحي أحيانا خطاً محايدا وفي بعض الأحيان ينتمي بقوّة إلى جانب من الجوانب وهو شهير بشطحاته المفاجئة وفرط إنتاجه اليومي.

حظيت مدونته بتغطية من موقع قناة "سي أن أن" عربية ثلاث مرات، كما قال في أحدى مقاطعه اليوتيوبة بأن عدد زائري مدونته بلغ مليون زائر، وله الآلف المتابعين في حساباته بمواقع التواصل الإجتماعي.

قد لا يتفق الكثير مع معاوية فيما ينشره، ولكن تبقى صفته كـ"كاتب" أبدية نظرا لإنتاجه الكتابي والأدبي، ويبقى "الاختلاف" محل أخذ وعطا طالما لم يصل لمرحلة "الخلاف" الذي يقول أنه ضروري للوسط الثقافي وضروري كصوت نقدي غير مهادن أو مداهن.

هذا الحوار جاء بعد ان اعلن معاوية اعتزاله التدوين الإلكتروني، خلال الأسطر القادمة يكشف ضيفنا عن سبب قرار اعتزاله، وسر تواجده المكثف في الـ"فيسبوك"، ويتحدث عن "الناشط الحقوقي" و"المثقف"، وغيرها من المواضيع.


 ابدأ من حيث انتهيت في جلسة فرع جمعية الكتاب والأدباء بالبريمي، أعلنت توقفك عن التدوين إلكترونيا، فما حيثيات قرارك هذا؟  ألا تعتقد بأن الوقت مبكرا لمثل هذا القرار لمدون لا يتجاوز عمره 32 سنة؟
لا أعتقد أنه هناك نوع من التدوين لم أجربه، وفق زاويتي الداخلية تلك كانت فترة تمرين على عمل لاحق أصعب، كتابة الرواية، ولا يمكن الوثوق بروائي في العشرين مهما حاولت في العالم العربي، شاهدت عددا كبيرا من الكتاب يرمي أوراقه المهمة في البداية، التدوين نسخة مخففة من الأدب ويميل للذاتية والإعلام، شيء من الشعر والنثر، كيف يمكن لهذا القرار أن يكون مبكرا؟ التدوين صرعة عشرينات، الثلاثين مخصصة للكتاب، الأمر وضعت له إشارات واضحة في القصائد التي أكتبها والتي تعد مرجعية للواقع البسيط الذي أعيشه. لم أترك التدوين [كمكان] ولكن كفكرة، أعني أن الشيء الأصعب كان متابعة ثلاثة آلاف شخص يوميا في عدد ساعات مرعب ومهول، لأنني سأتوقف عن متابعة حسابي النشط للغاية سوف أعيش فترة للكتابة، ولا ليس مبكرا، بل هو سن متأخر، التدوين تجربة تعيشها حتى الخامسة والعشرين، تمرين ملائم للكاتب ولكن الاستمرار فيه لا يكلف جهدا، هذا بالنسبة للمدونين الذين يأخذون الأمور بسهولة، لو تريد الطريقة الصعبة كوّن حسابا فيه مئات يتحولون لآلاف وستجد أنك أخذت درسا في علم الاجتماع دون الحاجة إلى استقصاء ميداني أو تتبع فالأقلام تقول كل شيء. كانت فترة صعبة بين ركام النكت وركام النسخ واللصق ولكن هناك خلاصات مهمة لم أبدأ في الكتابة عنها، ادخرت أهم ما لدي للورق، والآن لدي كتابان في المعرض القادم، خمسة كتب في آخر ثلاث سنوات، أعيش حياة منتجة ككاتب، والتدوين مرت دهشته وزخمة، ذهب التدوين وبقيت المدونات فما الذي يبقيني أدون؟؟ الجميع مصر أن [كل ما أكتبه تدوين] بعضه أدب بعضه نقد بعضه قراءات، لذلك الكتابة مستمرة ولكنها لن تأخذ تلك الساعات الطويلة، مدونتي بالنسبة للقراء هي مكان [يوفر عليهم وقت] متابعة الأحداث العمانية المتسارعة آنذاك الآن الأحداث هادئة والواقع يسير ببطء، ما دام ثورة مصر تحولت إلى رماد هل تراهن على سحابة دخان أما على غيمة الكتابة؟؟ المطر أبقى وأنقى.

-  ما سر التذبذب في ظهورك الفيسبوكي، فتارة تختفي لأيام ثم تظهر فجأة وتكثر من المنشورات التي تتحدث في أغلب الأحيان عن فكرة أو موضوع واحد، وتكرر ذلك مرات كثيرة ؟

أكون نشطا ساعات غير معدودة في اليوم، والبعض لا يفهم سبب نشاطي الزائد وهو عائد إلى حياتي التي أنام فيها مرة كل يومين، أعطي لكل شيء ساعات أكثر وأحب التوسع، الاختصار للعظماء، لست منهم وربما لن أكون، ولذلك أقول كل شيء بتوسع، الشيطان يكمن في التفاصيل، هكذا علمني معلمي، وفعلا، لو تريد أن تؤسس خطابا تدوينيا، عليك أن تكرر الفكرة من زوايا إقناع، المثقفون يقرأون الفكرة بشكل عابر، ولكن القراء يتابعون بتقصي دقيق لأنك أحيانا وجهة نظر تهمهم، أو على الأقل توفر عليهم وقت القراءة الاستقصائية المدققة، عشت دهشة لقاء القراء في الفيس بوك عندما كنت أسأل عن من ألتقي به، هذا أقول له [رجلك أهون؟] وذلك أبارك له على الزواج، ما دام أضافني ويتابعني؟ لماذا لا أنصفه وأتابعه؟ كانت سنوات منهكة للغاية ولكنني تعلمت الكثير، والأهم أنني أعرف رسالتي الآن. الفيس بوك رغم وفرة منشوراتي لا يأخذ مني في الكتابة سوى أقل من أربع ساعات يوميا، الساعات الباقية تنفق في متابعة ثلاثة آلاف إنسان من مختلف طوائف المجتمع، كنت حذرا في الفيس بوك منذ البداية ولذلك ربطته بمدونتي الأهم [الخروج من حواف الجمجمة] وبعد سنوات بدأت أستخدمه، قرائي فيه ولكنني أضفت ما يسمى [بالجمهور] ولم تعد لي صلة بالثاني أما قرائي فهم شيء مقدس بالنسبة لي، لذلك ختمت دفتري الأهم بقبلة لرأس أهم قرائي الذي كان له دور كبير للغاية في حياتي وهو غيث الرواحي مدون أيضا ومبرمج وأشياء أخرى جميلة.

يتهمك بعض متابعينك بأن  عدد كبير من تدويناتك عبارة عن حشو وإسهاب لا يحتمله التدوين الإلكتروني، فهل لاحظت ذلك على كتاباتك؟

إذا تريد اختصار 1600 تدوينة في جملة واحدة صعب أناقشك، قم بواجبك وتتبع واستطلع. الحشو هو لغة خارج الموضوع، وعلى فرض أنه يرى ذلك فكم المادة التي تصلح لكتاب؟ ومن 12 ألف صفحة كم من المادة التي يمكن أن تصدر في كتاب بعد تعديلها علما أن شغلي في تعديل الكتب للنشر سيكون فقط [حذف] كما قلت لك الاختصار للعظماء، من يراه حشوا لا يقرأ، وهذا ليس نهيا ولكنه فعلا في غالب الوقت لا يقرأ ويطلق أحكاما جاهزة ولذلك صعب أناقشه. حسبت حتى الآن ما يتجاوز 10 كتب في مدونتي والموضوع بسيط [يحتاج إلى تحرير] هل تتخيل ساعات التحرير كم هي أسهل وأجمل وأبطأ من ساعات الكتابة المهولة؟ يزعجني من يسأل عن [إنتاجي] ماذا تريد أكثر من ذلك؟؟ ولكن هنا دأب الجميع أن يقول لك [كيف تستخدم أصابعك] ياخي آخر كتاب لديك قبل عشر سنوات وما زلت تعيش على ظله؟؟ كيف تريد مني أن أحترمك ككاتب وأنت غير منتج، ومرة أخرى مثلا أنت مدون، يمكنك التحول لكاتب وهذا أصعب، الكاتب يتحول لمدون بسهولة بالغة، لذلك ظهرت لدينا [مدونات] لعبت اللعبة بقذارة ومن بعيد وبطريقة جبانة ومن ثم اختفت تماما، من يفشل في إيجاد وسيلة للعيش في بلاده، لا يستحق الكثير من الأشياء، كما يقولون الصقر يصقر في داره، لذلك صعب أعترف بالكثيرين ولكنني لا أقول لهم ذلك، أتابع كل ما يكتب في حساباتي ومرهق من جراء ذلك، ولكنها كانت تجربة استطلاعية توسعية مفيدة، الغريب أن شخصا لم ينتبه لذلك ولم أقل ذلك بغيت واحد يلاحظ ولكن للأسف لا أحد، أتواصل مع العشرات وربما مئات الأشخاص، هذه هي شبكة معلومات إعلامية والتدوين فرع منه إعلامي، وقد جئت من رحم الإذاعة العمانية والإعلام العماني، بحثت عن الروح العشرينية وعشتها، والآن وقت عمل جديد.

قبل سنوات،أثارت بعض آراءك في بعض المسائل الدينية ردة فعل من القراء، ثم بدأت مؤخرا تتراجع عن بعض تلك الآراء، فهل كنت تتعمد إثارة الرأي العام؟ أم أن حساسية القراء في عمان عالية جدا؟

ما تتعمده وما هو عفوي لو كشفته سترتكب أكبر خطأ في مجتمع عمان الثقافي، قل كلامك وأبق أرقامك سرية، واشتغل بصوت عال وفي الظل في وقت واحد علما أن الصوت والضوء لا يتعارضان. طبعا تعمدت إثارة الجدل وطبعا كنت غامضا بقدر وضوحي وطبعا أخفيت ملامح تجربتي عن الجميع، لم أخرج أرقامي بعد والسبب أنني أركز على الكتاب الورقي حاليا، ثمان سنوات أو عشر لم أحسبها جيدا فلا أشعر بالزمن إطلاقا، ولكنها كانت كافية لتمرين على رأس العمل، السبب هو الأدب، لدي جوائز كثيرة فيه ولكن [ما هي الرسالة؟؟] لذلك قلت أتعلم من المجتمع مباشرة وتابعت مئات البشر، أكلم سبعة ثمانية في وقت واحد، أكتب وأدون وأقرأ، الحمد لله هذه حياة جيدة، لولا بعض حماقاتي التي جعلتني أخسر عملي، لربما كان الوضع أكثر ولا سيما في النتاج الأدبي، رغم هذا النتاج المهول وفي لحظات النرجسية ومدح الذات أبدو مطمئنا، ولكنني شخص لا يطمئن وقلق دائما حيال مستوى الكتابة ودائما أطمح لإنتاج توسعي، هذه المدرسة ليست حديثة بل هي [شغل مصريين] والمدرسة الكلاسيكية هي التي أؤمن بها، مشاغبة الإسلاميين عمل عشريني ممتع، ولكن التصالح معهم هو تصالح مع فكرة الحياة، لذلك الحياة لها مساحة محددة للجميع ومساحة مطلقة للحياة نفسها، لذلك لا مشكلة لدي الآن مع الإسلاميين أو مع النشطاء أو مع المثقفين أو مع السلطة، الكتابة إخاء وليست صداقة، الإخوة يتصافعون في البيوت ولكنهم حلفاء، والتدوين فعل صداقة، أما الكتابة على الطريقة الكلاسيكية، أو كما يقول سيف الرحبي [عم نشتغل سآفيه] يعني [نشتغل ثقافة] لذلك العمل الثقافي هو بيئة مصغرة للعمل الإلكتروني الذي [يقلع العيون] ولكنه يعطيك خلاصات ويعطيك رؤية أدبية كاملة، لا أطمئن لكتابة الأدب حتى أعرف رسالتي وأجزم أنني اطلعت على ملامحها الأولى، سيكون وقتا ممتعا أمارس فيه [حقي] وهو كتابة الأدب أما الواجب العام فلم يعد أكثر من اجترار للقضايا نفسها، كتاب جدد أسميهم [فرافير] يمارسون [الفسبكة] أما الكتاب فهو أبعد عن مداهم الضيق وكذلك أصعب على عقولهم الحمقاء، لذلك هل تؤمن بالجيل القادم؟ جيل لم يتحول منه للكتابة إلا الشعراء؟؟ من الناثر في الجيل الجديد؟؟ فيسبوكيون في كل مكان، لو على الثرثرة فلدي طاقة هائلة لها، ولكن من أجل ماذا؟؟ الجمهور؟؟ أم القراء؟ اخترت القراء أما عن الجمهور، لما نلتقي يمكننا أن نسلم على بعض ونتناشد عن العلوم والأخبار ونفترق، لو اجتمعنا على حرف فلن نفترق على صورة ولكن لو اجتمعنا على صورة فالحرف سيفرق بيننا للأبد.

- وقعت في مشاكل مع القانون كيف تصف ذلك؟

إنه امتداد لثقافة الإصلاح الجديدة وهي التضحية بالعمر، تحدي للسلطات وبالتالي يجعل السلطة أكثر شراسة، على كل إنسان له علاقة بالرأي العام أن يعرف مكونات الوضع وكذلك محدداته وكذلك خطورته، ولذلك أذكر الجميع أنني أخطأت مرتين في عشر سنوات، لا أجد هذا معدلا سيئا. عدا ذلك كانت تجربتين شاقتين وتجاوزتهما بصعوبة وبعزلة ثلاث سنوات كاملة.

-لو انتقد شخص كتبك المنشورة قائلا:" لا تحمل كتب معاوية قيمة معرفية، فهي مجرد تجميع كلمات منمقة ومحشوة ببعضها"، فما هو ردك عليه؟

ريح نفسك ولا تقرأ.

- يردد بعض المطلعين على حركة التدوين أن الفيسبوك وتويتر وباقي مواقع التواصل الاجتماعي سحبت مداد القلم من تحت لوحة مفاتيح المدونات فأصيبت بالخمول. فما قولك في ذلك؟

ههههه أحلى شيء تجيب لي كلامي وتقول ما رأيك!

- ينقسم سكان الفيسبوك في عمان بين مؤيد ومنتقد للحكومة، وبين الملتزمين دينيا ومخالفيهم، والكل ينادي بحرية احترام الرأي الآخر، لكن الذي يحدث كما هو ظاهر هو التصادم بلغة التصغير والتقزيم لكلا منهم، فما هو الحل برأيك؟

العرب أمة سينمائية، والآن الدائرة تدور مجددا، مثلا في مصر جاء السيسي ولكن هل مصر استراتيجيا بخير؟ هل الجيش المصري بخير؟ بعد الحاصل العام تسمية ما حدث في مصر ثورة صعب لأنها لم تتحقق، لذلك هي أحداث دموية لا تختلف عن الواقع العربي.
سقوط العراق هي أكبر نكسة ثقافية أصيب بها العرب، نهران من الأنهار التي تسقي الأرض العربية بالعلم والوعي والثقافة سقطا تحت يد السوقة والدهماء والسابلة والحمقى والداعشيين، نعوّل دائما على الإنتاج، عدا ذلك المثقف العربي يذكرنا طوال الوقت بالنكسة العربية؟ الوقت وقت عمل وتثقيف وتثقّف، ولذلك هنا يحدث صراع ديكة، التدوين جزء منه يحتوي على هذا السلوك، دائما أقول [ما حد يريد يكون بغيض] ولكن لو لم يقم شخص واحد بهذا الدور النقدي من سيقوم به؟ لم أتوقف عن التدوين فقط لأن أفقه صار مكررا، ولكن أتوقف عن [التأثير على الرأي العام] هذا هو التدوين الحق، وأعتقد أنني سئمت الموضوع بعد أن عدنا مجددا للصدام مع الإسلاميين وعدنا مجددا إلى اللعن والشتم، مبارك خرج، طيب تقبل ذلك وعش حياتك.

-يربط كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين "المثقف" و"الناشط الحقوقي"، حتى أن بعضهم يعرّف نفسه على أنه "ناشط حقوقي"، فهل فعلا يوجد في السلطنة من يمارس مثل هذا النشاط على أرض الواقع أم هي مجرد ألقاب على الإنترنت؟

هناك كتاب رائعون، منهم الكاتبة التي لا تطيقها أنت حبيبة الهنائي، هذه مثال على النشاط الحقوقي في المجالات السلمية والمدنية، أنت وصفت ذات يوم المثقفين بأنهم [يداعبون العقرب] العقرب تصغير للوضع الصعب، الوضع الإقليمي مشتعل، وهناك أولويات، لذلك أحترم هذه الأمثلة ومع اختلافي أحيانا مع الكثير من الأشياء ولكنني أعد عمل البعض أصيلا وجميلا ورائعا، والبعض جالس يهيس على قرنه يكرر كلام النشطاء ولديه جبهة وهمية في حساب فيه عشرين شخص وقراء عددهم واحد. هذا هو الجيل الجديد الذي يسمي نفسه بأسماء مختلفة، جيل يقوده شخص وقع في كارثة أدبية، وجيل أصبح فيسبوكيا [فقط] الأسماء سهلة، أما بشأن لقبي فلم أستخدم لقب [كاتب] لمدة 12 سنة، واكتفيت بسمة وصفة [مهذون] لذلك فعليا بدأت الكتابة الآن، ولدي خطط كثيرة ولكنني مرهق للغاية لذلك مستمع حاليا بإجازة لا أعمل فيها أكثر من عشر ساعات في اليوم، يبدو العدد بالنسبة للبعض كبيرا ولكن في زاويتي هذا جزء من 32 ساعة أقضيها في صحو، هكذا مقاييس اليوم لدي وهي نعمة ونقمة والحمد لله على كل حال.

-ما هي التدوينة التي حصلت على أكبر رقم زيارة في إحصائيات مدونتك؟

أرقامي خفية، ومثل هذا الرقم لم أكشف عنه ولن أكشف عنه، مدوناتي تغير وصلاتها، كنت أدون من أول وجديد في كل مرة وأؤسس مدونة جديدة ووصل جديدة، ولكن العدد تجاوز المليون بلا شك [مائة ألف كل عام ليس أمرا صعبا] فما بالك بالمهذونة التي كانت مقروئيتها عالية للغاية، أرقامي تعلمت أن أخفيها أما كلامي فهو [كثير] ولكن السؤال هل يمكنك أن تختصر تجربة إنسان في جملة أو كلمة؟ هذا ما يفعلونه هنا، لذلك ذات يوم عندما عبرت عن حنقي وخذلاني تجاه كاتبين أصبحا في محيط العظماء [والاختصار] غسلت يدي من الجيل القادم، وأراهن فقط على الشعراء فيه عدا ذلك هي السالفة نفسها وتتكرر.

-برأيك..من أين يستسقي المدون موضوعاته؟

عمان دولة لم يكتب عنها، لم يبدأ شخص بالكتابة عنها أصلا، لديك بحار كاملة في الماضي والحاضر، عليك أن تتعلم كيف تبحث.

- كمدون، كيف تقرأ مستقبل التدوين العماني؟

لا يوجد الآن [تدوين عماني] والسبب هو أن الفيس بوك يتيح [للاعبين الصغار] المشاركة في المعترك، هناك فيس بوك وتويتر، وأحمد الله أنه لدي إنتاج في الأدب لذلك لو كان شخص طرح نفسه [كمدون فقط] فهو في ورطة، ليس لديه قلم أصيل وليس لديه لحظة تاريخية، التدوين اكتسب زخما ليس من المدونين فقط، ولكن من المجتمع، والآن ماذا ستكتب؟ مجددا عن القضايا نفسها؟؟!! اللحظة التاريخية عاشها مدونون مخلصون للكتابة، بعضهم كان شتّاما وليس أكثر من محرض، والبعض قدم مادة أصيلة، لو كنت من النموذج الأول ستكتشف أن التدوين ليس مثل الكتابة، وأنك ببساطة خارج السرب وخارج التاريخ لأنك لست شيئا، الكتابة أبقى وأنقى والباقي ركام. هل مستعد تعيد القصة نفسها؟ كما قلت ذات يوم في جملة سرقها أحدهم أدبيا مني [الأمر مغامرة] في أبعاد كثيرة تتجاوز أفق السلطة فقط، هل مستعد أن تلعب على الوتر نفسه؟ الاحتقان العام؟ والرغبة السريعة في التغيير السريع؟؟ وسط ثقافي معطل يعيش على نفس الأحلام، ووضع سيء للغاية، رغم مساوئ الثقافة إلا أنه ستبقى المؤسسة التي يجب أن يتظافر الجميع لإعادة بنائها، عدا ذلك سنظل في نفس الدوامة وسيظهر لنا جيل فيسبوكي يجيد اختصار [الحقائق] أو كما قال كاتب مدع للغاية ذات يوم [تجاوزنا مرحلة الجدل الوجودي] ويعلنها [للجمهور الكريم] هذه كلمة سارتر يعجز عن قولها !! ولكن الجيل الجدي يجعلك فعلا تغسل يدك من الوسط الإلكتروني، سأظل فيه أكتب [لقرائي] ولكن الجمهور الذي يبحث عنه الجميع، جربته في اليوتيوب وانتهى الموضوع بحذف كل شيء يجلبه، والآن السؤال ألم تختف المواد المثيرة للجدل، الجدل اختفى معها أيضا، هل أعيد الدائرة نفسها؟
لا أستطيع فعل ذلك ببساطة.

-رسائل قصيرة توجهها لكل من:-
-المدون: تابع المجتمع أكثر من المثقفين. وتعلم من الأجيال القادمة، تابع كل صغيرة وكبيرة في الفيس بوك، تابع تويتر، تابع الانستجرام وكيك واعرف العماني من كلامه لا من تشخيصات المثقفين الفاشلة غالبا.
-المثقف: اشتغل شوية بدل ما راقد.
-الصحفي: مسألة التأجيج وتنقيع الأخبار على طريقة جريدة الزمن أصبحت مثل [التدوين] نعم السقف ارتفع ولكن هل هناك هواء؟ وهل هناك نافذة في الجدار؟
-الناشط الحقوقي: الحقوق كثيرة منها حقوق نبيلة للمرأة والطفل، ومنها حقوق سياسية صعبة المنال، كن واقعيا فقط هذا يكفي.

-برأيك، هل ستصمد الصحافة الورقية أمام توسع نظيرتها الإلكترونية؟ أم أنها مسألة خيارات واتجاهات؟

نعم ستصمد، لأن الصحافة تعتمد على المؤسسة لا على مكان النشر، الزمن تُقرأ في النت أكثر بسبب فرقعاتها الإعلامية [ينشر قضية فساد ولا ينشر غير تفاصيل لا تغني ولا تسمن من جوع] الصحافة سقطت من قبل أمام النت ولكن كخطاب، أما عن الفعل، المؤسسة تفعل والنت يقول، هذه المعادلة الصعبة التي عليك أن تفعل مكان القول، وتقول مكان الفعل، اللعبة معكوسة ولكنها جميلة للغاية ومفيدة معرفيا.

-ما تود قوله للوطن وللشعب وللسلطان؟

للسلطان: عد سالما.
للشعب: ما شيء علوم؟
للوطن: تستحق أن تُعاش، وتستحق أن نعيش فيك.


 
معاوية الرواحي

هناك 3 تعليقات: