الاثنين، 14 ديسمبر 2015

عن المشكلة العظمى في بلاد العرب


من المعاضل الكبرى التي نعاني منها- نحن العرب، الإقصاء، وغياب الموضوعية، والإنصاف، وتقبل الآخر والاستماع له، وإطلاق الأحكام جزافا دون استدلال عقلي وعلمي، في أغلب تفاصيل حياتنا يحدث ذلك، حتى في الدين والسياسة والاقتصاد، وفي التعامل مع الآخرين بما فيهم الأصدقاء والأهل، وحتى في غرف النوم أيضا.

نشأت المذاهب الإسلامية في مجملها نتيجة للإقصاء، لا أحد يريد أن يستمع للآخر، ويحاوره ليصلوا لتسوية مرضية للجانبين، وبما يتوفر لديهم من أدلة يحكمها العقل والمنطق والدين، ليس سوى السيف والدم من يفصل بينهم، قانون الغاب هو السائد، حدث ذلك بين الصحابيين علي ومعاوية، ثم بين علي واتباعه، ثم بين معاوية ومن كانوا أعوانه، لتلتقي دماء الأتباع والأعوان ببعضها، واستمر الانفلاق كانشطار الذرة.

 ليس تشاؤما، لكنها للأسف هي الحقيقة التي لا نريد أن نستوعبها.

منذ ذلك الزمان، والهوة تتعمق، والفجوة تتسع، والآذان تصم، والسيف هو الحكم، تعمقت الخلافات لأن السياسي فلان لا يريد أن يستمع لعلان، ففسّر الآية بطريقة لا تتشابه مع تفسير خصمه، وأستدل بحديث من جيبه أو ابتدعه شيخ من بلاطه، وهكذا فعل الآخرون، حتى غصّت الأرض بالأحقاد، وأصبح أكبر همنا تكفير العباد.

خرجت "داعش" من حضننا، لأن خلافا في فهم الشريعة قد حدث، بين الشيخ فلان وآخرون، وكلما ورث وارث من أسلافهم ضرب في الأرض غلُوا، ليزيد الهوة بينه والآخرون، ويصبح كلا في نظر الآخر كافر ومبتدع وخارج عن الملة،  و"يحل" قتله، ليتطور إلى "واجب" قتله، نتيجة ذلك يعود في المجمل للإقصاء والتعصب للرأي وتعطيل "حكم العقل" والموضوعية.

محليا، وعلى مستوى الحياة اليومية، نمارس الإقصاء والتعصب للرأي بشكل مفرط، العمل على مبدأ "من لا ليس معي فهو ضدي" هو السائد، من يمدح الحكومة فهو مطبّل، ومن ينتقدها فهو مغرض وسلبي وحاقد، نقاط الالتقاء ضيقة جدا، بل ما يحدث فعليا هو أسوء من ذلك، أن تتبنى أفكارا لا تتفق مع آخرين ستكون كل الأفكار التي تتبناها لاحقا –في نظرهم غير مرغوبة بها حتى ولو اتفقوا معها في دواخلهم، اللائحة السوداء أو "البلاك لست" تنشط بشدة بيننا.

المثقفين، بكل دول الخليج ومنها السلطنة، يشكل الغالبية منهم خير مثال لحالة إقصاء الآخر، فهناك مثقفين السلطة، ومثقفين الشعب، أو هكذا يطلق بعضهم على بعض، حتى في الإنتاجات الأدبية البحتة مثل القصة والشعر والرواية، تكون الأحكام موزعة بصورة غير عادلة، الحزب الأسود والحزب الأبيض والحزب الرمادي، في السلطنة عايشت صراعا ومعارك لفظية وكلامية –وإن كانت غير مباشرة، بين المحسوبين على المثقفين والإعلاميين، ما يصدره من المثقف الفلاني ما هو إلا "سحت" في نظر المثقف العلاني، ليس لأنه فعلا سيء، بل لأن فلان "ما يدخل المزاج"!!.

هل يصعب علينا كـ"مجتمع" أن نجد حلا لذلك؟!، أو نخفف من حدة انعكاسات الإقصاء؟!

 إذا استطعنا أن نجلس على طاولة واحدة وقلوبنا صافية تجاه من يجلس في الجنب؛ حينها يمكن أن نبدأ  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق