الثلاثاء، 29 مارس 2016

"عااجل، إعصار ضخم للإشاعة يجتاح المدينة"





ماذا تعني لك "الإشاعة"؟ وما رأيك بها؟ وما السبيل للتصدي لها؟، اسأل أي شخص تصادفه في طريقك هذا السؤال-مها كان مستواه ووعيه العلمي والثقافي، وأؤكد لك بأنك لن تجد فرصة حتى لمقاطعته من غزارة إسهابه في ذم الإشاعات، وربما ستتفاجأ بأن لديه أفكار ومقترحات جميلة للتصدي للإشاعات.

لكن ما يصدمك حقا بأن نفس هذا الشخص الذي سألته للتو، أعاد إرسال –في ذات الحين- رسالة تفيد بأن إعصارا ضخما سيضرب مسقط في شهر يونيو المقبل، وتنصدم اكثر عندما تقرأ اسلوب الرسالة والذي تبدأ بـ"عاااجل من الاذاعة هذا الصباح. إعصار ضخم جدا سيضرب عمان وبالتحديد شاطي القرم!، والعلماء يحذرون من عمليات نزوح...!!!!.

المحزن أكثر أن ما ذكرته هو قصة حقيقية عايشتها بنفسي، عندما كنت أتحدث لشخص من العائلة عن الإشاعة، وبعد دقائق بسيطة فقط أرسل رسالة الإعصار في مجموعتين نتواجد بها على الواتساب!، والذي يزيد حزنك على الحزن، بأن هذا الشخص يحمل شهادة ماجستير في التربية، وكان معلم سابق.

هذه الصورة جزء بسيط تساوي مقدار نملة في صحراء الربع الخالي، من مجمل الصورة العامة في السلطنة، ويمكن أن نقيسها أيضا على دول الخليج لتشابه الوضع، المسألة هي ليست في نقص التوعية بمعنى الإشاعة، وإنما نقص في معرفة أساليب نشر الإشاعة وأضرار الإشاعة، معظم الناس تعرف معنى الإشاعة، لكن لا تعرف أن إعادة نشر رسالة وصلته عبر الواتساب هو أيضا قد ساهم في صنع الإشاعة، فإذا حاججته سيقول لك: "انا فقط اعدت ارسالها ولم أكتبها"!

الحديث عن الإشاعات لا توفيه مؤتمرات ولا ندوات ولا كتب، كما أن إبادة الإشاعة في أي مجتمع هي من الأمور الصعبة لكن ليست مستحيلة، صعبة لأنها مرتبطة بغرائز الإنسان مثل الخوف والفضول، عندما تكتب إشاعة عن إعصار قادم فإن غريزة الخوف لديك تدفعك لإرسالها لآخرين- ربما بحسن نية، أو للتأكد من صحتها-ثم يرسلها الآخرون لنفس الدوافع وهكذا تجتح المجتمع في غضون دقائق، كما أن الأمر متعلق بمواضيع آخري حسب أولويات الإنسان، وسأضع أدناه رابط لتدوينة سابقة بها تفاصيل أكثر عن المواضيع التي تساهم في خلق الإشاعات وأثرها في صناعة الرأي العام المتأثر بها.

من الحلول المقترحة للحد بقدر المستطاع من الإشاعات تكمن أولا في تفعيل دور المؤسسات المعنية كُلا حسب اختصاصها، فمثلا تقوم هيئة الطيران المدني بنفي أي معلومات أو خبر تتداول بين الناس غير صحيحه عن الحالات الجوية، وهكذا تعمل باقي المؤسسات-سواء الخاصة او الحكومية. لكن من الأهمية أن يحدث ذلك بالسرعة القصوى، فلا يعقل أن تنتشر الإشاعة اليوم ويأتي النفي بعد اسبوعين!!

ومن الحلول أيضا إنشاء مركز متخصص لرصد و نفي الإشاعات، يزود بمركز اتصالات، بحيث يمكن لأي شخص أن يتصل بهم ويتأكد من صحة أي خبر أو إشاعة، وتكون لهذا المركز الصلاحيات للتواصل مع جميع الجهات لتسنى لهم تأكيد أو نفي الإشاعات.


بالإضافة إلى تفعيل وسائل الإعلام في نشر الوعي حول هذا الموضوع، فدور الإعلام هنا "واجب" لتوعية الناس بماهية الإشاعة، ففي السلطنة يمكن أن تقول للناس بأن أي خبر رسمي لم يصدر عن وكالة الأنباء العمانية أو التلفزيون والإذاعة الرسمية فهو غير صحيح، وخاصة المتعلقة بالمراسيم والقرارات الهامة والقرارات التي لها علاقة بالمعيشة، وما يتعلق بالأنواء المناخية.


رابط لتدوينة سابقة بمدون حكاية نفربعنوان:  

العمانيون يمضغون خمس "علكات" خلال أسبوع!!  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق