السبت، 8 يوليو 2017

الأزمة الخليجية .. ونبش الدفاتر


الأزمة الخليجية

"الأزمة الخليجية" هي حالة مثرية جداً بالنسبة للدارسين والباحثين والمهتمين في العلوم السياسية وفي الإعلام، وأي متابع "موضوعي" لهذه الأزمة ستتضح لها مدى خطورة وقوة الإعلام بكل أنواعه وأشكاله، ومن خلال متابعتي لهذه الأزمة استنتج عدة نقاط، منها:

-نبش الدفاتر: فكل جبهة من المعسكرين المتخاصمين تحاول أن تنبش في ماضي الأخرى، وتلقي به أمام الرأي العام العالمي، وتوجه به رأي مواطنيها، وكل صغيرة وكبيرة كان الجار يعرفها عن جاره أفشاها للعالم ، وتساقطت الأسرار كما تتساقط أوراق التوت، وبالطبع هذه الأوراق لن تذهب سدىً؛ بل ستستفيد منها بعض الدول لإستخدامها في المستقبل كأوراق ضغط - كما تفعل أمريكا الآن.

-الإسفاف الإعلامي: الأزمة كشفت عن مدى انحطاط الإعلام - ليس في ذاته، وإنما في استخدامه- فوصلت القذارة الإعلامية لحد لا يمكن حتى رجل الشارع الجاهل أن يتلفظ به عن خصومه من تلك الأوصاف أو الرسومات أو الكذب والتلفيق.

-استمالة العمانيين: محاولة الفريقين استمالة أو جر الرأي العام العماني ضد الآخر بشكل مباشر وغير مباشر مع استخدام "خبث الحديث" في كثير من الأحيان، وللأسف هناك ممن ينجرون-وإن كانوا قِلّة" بعد تأثرهم بتغريدة واحدة فيدخلون في مهاترات كلامية هم في غنى عنها-أو كما يقال لا ناقة لهم فيها ولا جمل،، فمثلاً أحد أطراف الأزمة أعاد نشر خبر قضية خلية التجسس المكتشفة في السلطنة أكثر مما نشرت وقت اكتشافها، في مقابل قام الطرف الآخر بنشر أخبار وتغريدات لإعلاميين وقنوات اخبارية تتحدث عن بعض الأحداث السابقة بالسلطنة وتفهم بشكل سلبي، وهدف الطرفين هو جرّ الرأي العام العماني للدخول في مهاترات ضد الطرف الآخر. وليس من المستبعد قيام أطرف الأزمة بانتحال معرفات لشخصيات عمانية أو أسماء وقبائل وصور عمانية لإظهار أن العمانيين في صفه.

-حرب لجان إلكترونية: الكم الهائل من المعرفات التي تنشط على مدار اليوم وكيل التهم والشماتة والقذف يتضح أنه من عمل لجان إلكترونية تابعة لأطراف الأزمة، كما ينشط انتحال الشخصيات، فكل طرف يحاول أن يؤسس حسابات بأسماء وصور تبدو من جنسية معينة لاستخدامها  ضد تلك الجنسية نفسها.

-فتنة تويتر: خطورة مواقع التواصل الاجتماعي في إشعال الفتنة بين الشعوب، وكذلك مدى هشاشة تمسك عامة الناس برأيها، فمن هيشتاج واحد تستطيع قلب الطاولة وتغيير رأي المغردين الخليجيين، فمن كان بالأمس يمدح فلان أو يمدح دولة ما؛ بين ليلة وضحاها غير رأيها وكال عليها السب بسبب التغيرات السياسية فقط!!

-في عالم السياسة: لا يوجد صديق دائم أو عدو دائم، وإنما المصالح والمزاج السياسي هي من تحدد علاقة أي دولة بالأخرى.

-حرب الإعلام: الحروب الحديثة هي حرب إعلامية لتوجيه الرأي العام المحلي أولاً ثم التأثير في الرأي العام العالمي ثم التأثير في القرار السياسي للدول ذات المصالح المشتركة وصولاً للسيطرة على القرار السياسي بالأمم المتحدة. وإذا لم يكن لديك جيش إعلامي وقنوات إخبارية وصحف ورقية وإلكترونية قوية فستكون لقمة سائغة.

-الحكمة العمانية: بعد كل عاصفة سياسية في الخليج يثبت لدينا في السلطنة أن مدى الحكمة وبُعد النظر التي تنطلق منها  السياسة الخارجية العمانية، وما حادثة "الاتحاد الخليجي" ببعيد، والحق يُقال بأن سياسة جلالة السلطان قابوس حفظه الله- جعلت عمان ملاذاً ومركزا للإستقرار ورسط إلتهابات منطقة الشرق الأوسط.

حكاية نفر 8/يوليو2017م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق