المصدر الشبح |
في موضوع سابق تحدثت هنا في – مدونة حكاية
نفر- عن الصحفي "زاهر العبري" تحت عنوان "هل يصبح زاهر العبري أول صحفي مكافة فساد في عمان؟"، وتطرقت لزاهر كأسلوب جديد في الصحافة العمانية
وليس كظاهرة مؤقتة- فكان فيما مضى يحدث أن تطالعنا بعض الصحف بعناوين على غير
العادة تطرح فيه قضية رأي عام في مجال ما
، لكن لا تلبث أن تخمد تلك الشرارة وتنتهي. أما الخط الذي انتهجته جريدة
"الزمن" أصبح كمدرسة جديدة في الصحافة العمانية -حسب رأيي.
"المصدر الشبح".. هذا ما يدور
الجدل حوله بين قراء جريدة الزمن بصفة عامة ولقرّاء زاهر العبري بصفة خاصة.
فهل فعلا يعْمد زاهر للإعتماد على
"شبح" أو جني ليصف له ما يدور في أروقة الوزارات الحكومية والمؤسسات
والشركات العامة والخاصة!!؟
الغريب في مجتمعنا أن الفضول يكاد يأكل صاحبه
من أجل معرفة المصدر وليس من أجل معرفة تفاصيل القضية المطروحة ومدى تأثيرها وسلبياتها وإيجابيات الكشف عنها، وهذه
الحالة-للأسف- بإعتقادي تمثل ثقافة عامة بين أفراد المجتمع إلا من رحم الرب.
فعندما تطرح قضية فساد مالي على سبيل المثال
في مؤسسة ما، فإن السؤال الأول الذي يتبادر في ذهن القاريء العماني هو من أين جاء
الصحفي بهذه المعلومات؟! لابد أنه عميل أو له جواسيس أو "مصدر شبح"!! ،
فيتناسوا القضية المطروحة بطريقة غير متعمدة نتيجة لسيطرة الفضول الوجودي على ذهن
القاريء.
الأمر الذي ربما يغيب عن كثير من القراء بأن
للصحافة أخلاقيات واُطر وعُرف وثقافة، فلا يعقل أن يثق بك شخص ما ويخبرك بقضية ما وبطريقة ما سواء تسريب أم غيره ثم تأتي وتعلن عن اسمه أو منصبه أو تدلي بمعلومات
تشير إليه وتلمّح لشخصه وهو –أي المصدر- لا يحب ذلك لأسبابه الخاصة ، منها ربما يتم معاداته في
العمل أو ربما يتأثر في مساره الوظيفي أو في حياة الإجتماعية بين أصدقائه أو
محيطه، وربما تلحق به أذى إذا ما تم تصعيد الموضوع لأروقة المحاكم ضده.
بمعنى أن السؤال عن المصدر في مجتمعنا
العماني صعب جدا، فبجانب ما ذكرنا من احتمالات لإلحاق الأذى النفسي والمعنوي
والإجتماعي والوظيفي بمصدر الخبر فإنه في الوقت ذاته سيفقد المصدر الثقة في الصحفي
، حينها لن يستمر بالإدلاء بأي معلومات اخرى، كما
أن أي مصدر اخر سوف لن يتعامل مع الصحفي الفلاني إذا ما حدث أمر غير مستحب مع مصدر
اخر.
ففي النهاية مصدر الخبر سيكون إنسان كانت له
سبل الوصول للمعلومة ولحسه الوطني أو ربما لتصفية حسابات شخصية أو لأهداف اخرى أراد أن يعالج الأمر حسب اجتهاده بطريقة إبلاغ
صحفي، هذي طريقة، وطريقة اخرى هو العكس، بأن يقوم الصحفي بالإجتهاد وتتبع خيوط بعض
المعلومات المتطايرة هنا وهناك للوصول لأشخاص لهم طرق الوصول للمعلومات الأكيدة
وبعد تبادل الثقة يحصل الصحفي على المعلومة مقابل الحفاظ على سرية المصدر
وخصوصيته. هذه الطريقتين هن الشائعتين في الصحافة بشكل عام، مع وجود طرق اخرى منها
إلكترونية ومثالها بأن يطرح أحدهم موضوعا في إحدى المنتديات ولأنّ الصحفي يبحث
ويجتهد وينقب من أجل مادته الصحفية التي ينتجها فلا بد له من التواصل مع من طرح الموضوع
ليعرض عليه نشرها في الصحيفة، ففي جميع الطرق لابد من الثقة المتبادلة بين
الطرفين، ولهذا يكثر في صحافتنا ومنها الزمن "المصدر المُجّهل"، ولكن هو
معلوم وموثّق أيضا لدى الصحفي ليحمي نفسه ومصدره من التبعات القانونية فيما لو حدث
ما ينتهكها. وهذا ما يفعله الصحفي الذي تستهويه المواضيع ذات اهتمام الرأي العام
مثل الصحفي زاهر العبري، ولست هنا بمدافع عنه فلا علاقة بيننا ولا حتى ألتقيت به
ولكن متابع له فيما يكتب عبر "الزمن".
ما أود قوله بأن "المصدر" ليس بشبح
حسب ما احسبه، فكل ذلك ما هو إلا إجتهاد صحفي يبحث عن مادة إعلامية لصحيفته لتكون
مأدبة دسمة بعد أن يطعمها بمعلومات اخرى وخلفيات سابقة للموضوع لتكتمل الوجبة الصحفية،
فهنا علينا أن نتساءل عن الموضوع والقضية ومدى دقتها من عدمه وليس أن نركز جلّ الإهتمام بمصدر المعلومة ومن يكون ولماذا أدلى بها وغيرها من الأسئلة التي بعضها
يشكك في الصحفي ويتساءل ما إذا كان تابع لجهة معينة أو لا وغيرها من الشكوك التي تثيرها نساء القرية على
"فوالة المعصرات".
صورة للصحفي زاهر العبري |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق