الأحد، 30 مارس 2014

رسالة من عمان المسك .. لنافخي الكير (مقال لسعود الفارسي)

المقال للمدون سعود الفارسي صاحب مدونة "عماني حالم"، نشر المقال في صحيفة أثير الإلكترونية  بتاريخ 26 مارس2014م




الكاتب سعود الفارسي



سعود الفارسي

 

 

عندما كنت بالسنة الأولى بكلية الحقوق بإحدى الدول الخليجية في عام 1998م وفي إحدى المحاضرات المتعلقة بالعقيدة والفقه ، كان الدكتور المحاضر يستعرض العقائد المختلفة لدى مختلف المذاهب الاسلامية ، وعندما بدأ الحديث عن المذهب الأباضي هالني ذلك الكم الهائل من " الخزعبلات " التي كان يذكرها والمدونة في ذلك الكتاب المتعلقة بهذا المذهب ! فتارة يقول بأنه وفقا للمذهب الإباضي يجوز أن تتزوج المرأة على عمتها أو خالتها !! وتارة بأنهم يكفرون أهل السنة وأنهم يحرمون الصلاة معهم أو التزوج منهم !! وما أثارني حقا حينها أن أحد الطلبة طلب الإذن من الدكتور للمداخله وقال أن هذه الفرقة من الخوارج معقلها سلطنة عمان !  في تلك اللحظة استفزني ذلك الكلام والاتهامات الغريبة والتي أيقنت وقتها بأنها محض كذب وافتراء كوني من عمان وأدرى بحال شعبها منهم لا سيما وأن من أهلي من هو سني ومن هو شيعي ومن هو إباضي وأعرفهم حق المعرفة ، حينها طلبت الإذن من الدكتور للتداخل معه وكنت وقتها أرتدي الزي العماني ، وبعد أن أذن لي قلت له : دكتور من أين أنا ؟؟ فقال : من عمان ، فقلت له أولاً مذهبي سني " شافعي " وثانيا أنا عماني أبا عن جد وأعرف عمان وأهلها أكثر منكم جميعا .. هل تتفق معي ؟ فقال : بكل تأكيد ، فقلت له : إذن إسمح لي يادكتور أن أعقب على كلامك وأقول بأن أغلب ماذكرت عن المذهب الإباضي هو محض كذب وإفتراء ، فنظر إلي نظرة تعجب وغضب ، فأكملت قائلا : فلتعلم يادكتور بأن أغلب أصدقائي هم من المذهب الذي ذكرت ونحن كالقلب الواحد ، نخرج سوية ، نلعب سوية ، بل أننا أعضاء في ذات فريق الكرة بحارتنا ، وأزيد بأن أخوال أمي إباضية كذلك ، منذ أن خلقت إلى اليوم لم أحضر عرس شخص يتزوج إمرأة على عمتها أو خالتها !! ولم ألتق بشخص متزوج من أختين !! فمن أين أتى كل هذا الإفتراء !! لحظتها نظر إلي الجميع مستغربين من قولي وحينها غير الدكتور الموضوع حتى لا نطيل النقاش فيه .

 

   ما وددت قوله من المقدمة السابقة أن الإفتراء في الدين كثير ، وللأسف فأن أغلب الناس يتبعون مايصدر عن أصحاب اللحى دون التحقق من مدى صحته من عدمه ، فما بالك إذا كان من يفتري بذلك الشكل هم يتبعون لبلاد الحرمين الشريفين !! وصلني رابط ذلك البرنامج التلفزيوني لإحدى القنوات المملوكة لأحد الأمراء السعوديين الذي يملك عشرات القنوات الماجنة ، البرنامج الذي يتحدث عنه الجميع والذي يحاول أصحابه ومقدميه و " مموليه " إشعال الفتنة الطائفية الملعونة بين بلادنا وبينهم ، بل ويودون ويلهثون لإشعالها بين العمانيين أنفسهم " سنة وشيعة وإباضية " ، ولا أخفيكم بانني والله لم أشاهد المقطع لأني أترفع بنفسي عن رؤية مثل ذلك الغثاء الممرض ، فبعد أن فشلوا في إخضاع عمان لتبيعتهم سياسيا وفقا لمخططهم المسموم الذي اسموه " إتحاد " وبعد أن حققت عمان إنجازات كبيرة على الجانب السياسي وفقا لسياسيتها الخارجية المتميزة الحكيمة والرشيدة ، لم يجد العبيد إلا العزف على وتر الطائفية القبيح كقباحة قلوبهم قبل وجوههم ،  ووفقا لما فهتمه من مجمل المناقشات التي تمت هنا وهناك فإن العبيد كفروا هذه الطائفة بل وأستحلوا دمهم وأعراضهم وأموالهم !! ياسبحان الله !! أولم يقل الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم " من قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقد عصم ماله ودمه !! " فكيف بمن هم لا يسوون نعله صلى الله عليه وسلم يستبيحون دم من هم يكررون الشهادة عشرات المرات في اليوم والليلة !! ألا ساء مايمكرون !! 

 

   وفي المقابل تجد جنود هؤلاء الثلة البواسل بمختلف مواقع وقنوات التواصل الإجتماعي يقاتلون بشراهة من أجل التحقق من استمرارية استعار تلك النيران في الجسد العربي المسلم ، وفعلا نجحوا " جزئيا  " في الجزائر !! لم يكفيهم مافعلوه في سوريا ومصر وتونس وليبيا .. بل يبدوا أنهم مصرين جدا على إحراق كامل الجسد العربي بنيران نفطهم !! 

 

   يبدوا أن هذه الثلة " المريضة " لم ولن تتوقف عن نفخ الكير وستستمر في محاولاتها الغبية لإخضاع عمان لها بحيث تكون تحت تصرفها تتحرك وفقا لرغباتها وبما يتوافق وشهواتها ، لكن هيهات يامن أسميتي نفسك " الشقيقة الكبرى " ، كفاك أيتها الشقيقة الكبرى ضخ الأموال هنا وهناك في سبيل تمزيق الجسد العربي بل والإسلامي قبل ذلك ، كفاك حرقا لذلك الذهب الأسود في سبيل تحقيق شهوات مجموعة من الأقزام لا يمثلون إلا أنفسهم ورغباتهم ، سبحان الله !! فبدلا من أن تنفقي تلك الأموال على شعبك الذي أصبح يصارع كابوس الفقر والذي أصبحت النسبة الأكبر منه تحت خط الفقر بينما هم يعيشون بدولة تطفوا على بحر من النفط ! تنفقين تلك الأموال على سهرات الأنس بالملاهي الليلية وعلى " الهز ياوز " ومؤخرا تخصصين نسبة كبيرة منها لقتل المسلمين بعضهم لبعض بدعوى المذهبية والتكفير !! أولا تعلمين ياشقيقتنا " الكبرى " يامن أعتمدتي مؤخرا قائمة بالجماعات الإرهابية وأضفتي لها من اردتي ، أولا تعلمين بأن أشد أنواع الإرهاب هو تخصيص الأموال لقتل المسلم للمسلم !! وأن التحريض على قتل أي إنسان مسالم هو أشد أنواع الإرهاب فما بالك بمن يصدر فتواه ليبح قتل من يشهد بالشهادتين !! ويح لمفتيي البلاط !! أولا يخشون يوما يرجعون فيه إلى الله !! أم أن حفنة من " الريالات " جعلتهم يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير !! 

 

   لا تتعبي نفسك أيتها الشقيقة " الكبرى " فأختك " الصغرى " لن تصبح تحت طوعك يوما ، كما أن لها سياستها وإرادتها المستقلة ، وعليه فلن تقتدي بك لأنك لست تلك القدوة الصالحة التي يصلح أن يقتدى بها بكل تأكيد ، فعمان بلد السلام ، حمامة تحلق بسماء العالم أجمع تنثر ورود المحبة والتعايش والإخاء الإنساني المبني على حسن النية وحب الآخر ، وهو مالم ولن تستطيعي يوما القيام به أو فهمه ، فالمراهقة المتأخرة مشكلة عويصة ، فكيف بها إذا كانت مراهقة " سياسية " !! 

 

    بالمقابل ، يجب علينا نحن كذلك إيقاف تلك المجموعة المحسوبة على المذهب الإباضي والتي ظهرت مؤخرا على الساحة تهزأ من هذا المذهب وتشكك في المذهب ذاك ، يجب علينا إيقافهم ولو بـ " السوط " ، لأنهم بعملهم هذا يفتحون الأبواب لمرضى النفوس من الخارج للتسلل إلى البيت العماني لبث سموم الفرقة المذهبية والتعصب الطائفي " كما هو حاصل في الجزائر اليوم " ، مستغلين وجود بعض ضعاف القلوب والعقول من مختلف المذاهب لتحريكهم كشرارة تشعل تلك الفتنة الكبرى بالبلد ، فكما أننا لا نرضى ولا نقبل أن يتدخل الغير في شؤوننا فإنه بالمقابل يجب علينا أن نوقف المحسوبين علينا من التدخل والتعدي على الآخرين .

 

ورسالة لكل من " يتعاطف " و " يشفق " على حال السنة في عمان ، أقول لهم " استريحوا " و " اشتغلوا " فيما يعنيكم ويهمكم ، فأنا " سني " وتحديدا " شافعي " – مع أني لا أحب الدخول في هذه التفاصيل – أعيش بعمان وعائلتي وأصدقائي دون أن نحس بأي انتقاص في الحقوق أو الحريات ، بل ونمارس شعائرنا الدينية بكل أريحية وحرية ، لا يتعرض لنا أحد ، بل ولنا مساجدنا وجوامعنا ومنازلنا ، ولنا الحق في المنافسة في مختلف الميادين بالدولة مثلنا مثل الإباضية والشيعة ، سواء كان على مستوى التعليم أو التوظيف أو غيرها  ، بل حتى على مستوى الحكومة هنالك الوزير السني والشيعي والأباضي  ، عليه فنحن لسنا بحاجة لأن تدافعوا عنا ، فعمان كفلت لنا حقوقنا كبقية أقراننا من المذاهب الأخرى ، بل والشيعة كذلك ، وإذا ماتعرض أحد لنا فإن القضاء العماني سينصفنا كما يفعل دائما ، فعمان يا أصدقاء هي دولة قانون تديرها مؤسسات منظمة تنظيما قانونيا دقيقا وليست كمثل دول " البعض " تدار من قبل مجموعة من أصحاب " السمو " و " الأمراء " ، أعذر لكم جهلكم بـ " عمان " .. فعمان عصية الفهم على عقول " قاصرة " ، وعليه فلا داعي لمقالات وتغريدات وتصريحات " متعاطفة " مع أهل السنة في عمان ، لأن أهل السنة في عمان يعيشون أفضل من حال أهل السنة بـ " بلادكم " .

 

ورسالة أخيرة لأحبتي كل أهل عمان ، لا تستمعوا إلا لقلوبكم النابضة بالحب والتسامح ، وتمسكوا بذلك التسامح والتعايش الذي تعلمناه من الحبيبة عمان منذ نعومة أظفارنا ، ولا تسمحوا لغيركم ببث سموم الفرقة والشتات بينكم ، وتذكروا أن عمان بلد طيب وترابها كالمسك لا ينبت إلا طيبا .

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق