هل يوجد "رأي عام" حقيقي في السلطنة؟
صورة تعبيرية |
دائما ما اتساءل بإستغراب عن واقع ما يسمى بـ"الرأي
العام" في السلطنة، فهو يتشكل بصورة لا تخلوا من الغرابة إذا ما حكمّنا
المنطق، فخلال الفترات الماضية مرت على المجتمع المحلي حالات لا يستطيع أي مختص في
قضايا الرأي العام أن يجد تفسيرا فوري لها، الأمر يحتاج لمزيدا من الوقت حتى تحكم
على هذا الواقع، شخصيا وقفت على حالات "رأي عام" عديدة لغرض إشباع غريزة
الفضول لدي، اليوم.وعلى خلفية الضجة الإلكترونية بسبب كتاب "ملح" للقاصة
بدرية الإسماعيلي فقد انبلج الصبح واتضحت الرؤية بما يكفي-رغم وجود بعض الضبابية
هنا وهناك. الآن.."اعتقد" أني استطيع أن اخرج بتسعة نتائج عن واقع الرأي
العام في السلطنة-(إن صح التعبير) وقد لا تكون دقيقة بما يكفي، ولكن اطلب منكم ان
تبدوا رأيكم فيها وفي "واقعيتها"، ونتيجة واحدة سأذكرها في الختام.. اسردها
كالتالي:
1-
رسالة "واتساب" واحدة تكفي لتحريك جموع الشباب
العماني حتى ذاك الذي لا يتستخدم الواتساب أيضا، فستصله من حيث لا يحتسب.
تفصيل:
ما يصل على
الواتساب يتم نشره مباشرة في غضون ثواني فقط في كلا من تويتر وفيسبوك وانستجرام
وتلجرام وغيرها من مواقع التواصل الإجتماعي.
من لا يملك شيء
منها تلك فستصله عن طريق الندماء في المجالس، وحتى وهو في "التاكسي"
سيخبره الغريب عن ما يتداول اليوم عبر الهواتف لقتل الملل، وهكذا الدائرة تتسع
بشكل سريع جدا على شكل بؤر متقاربة تتسع كل دقيقة حتى تتداخل مع بعضها البعض. فلك
أن تتخيل أنك تشاهد تلك الدوائر من طائرة على ارتفاع عالي وهي تتداخل بعضها البعض.
2-
يتشكل ما يتسمى بـ"الرأي العام العماني" إثر
مواضيع محددة، وهي تشكل في مجملها غرائز الأنسان واهتمامته في الأساسية في الحياة.
تفصيل:
-المواضيع الجنسية سواء بعبارات صريحة أو
بالتلميح / سواء على شكل صورة أو نص نثري أو شعري /أو فيديو/ وسواء كانت مواضيع جادة او عبارة
عن نكت وطرافة/ وسواء كانت عن الجنس الشرعي"الزواج" أو الجنس خارج إطار
الزواج.
-ثم يأتي في
الأهمية المواضيع المالية/ وكل ما يتعلق بها، سواء كرسائل عن زيادة الرواتب أو
منشورات عن عن أموال الآخرين، ويدخل في نفس الإطار ما يتعلق بالسرقات المالية
والإختلاسات وما شابهها، وكلما كبرت القيمة المالية كلما زادت سرعة ورقعة
الإنتشار. كما يتضمن أخبار الشخصيات التي لها علاقة بهذا الجانب مثل ما حدث مع
الوزير السؤول عن الشؤون المالية الحالي والسابق.
-المواضيع
الدينية، ومنها الفتوى الغير مألوفة أو أحكام جديدة وغير متوقعة في أمور حياتية
معينة، أو مواضيع ما يسمى بـ"الصراع المذهبي"، أو اخبار عن تطاول على
رموز دينية مثل الرسول الكريم (ص) او علماء الدين، وما يدخل في هذا الإطار.
-المواضيع
السياسية، والصراع بين الساسة في بلد واحد او بين أكثر من بلد، أو بين الأفراد أو
الجماعات ضد الساسة أو العكس،أو الصراع بين الحضارات أو الثقافات المختلفة
(الثقافات المسيسة وليست الأدبية).
-المواضيع
المناخية وما يختص بالمنخفضات أو الأعاصير والأمطار.
-المواضيع
الرياضية.
3-
العمر الإفتراضي لحالة الشحن العام في السلطنة "خمسة أيام"، قد تقصر أو تزيد ليوم أو
يومين.
4-
القضايا الجديدة تقتل ما قبلها بصورة بشعة، فحتى لو كانت
القضية "أ" قد وصلت لقمة غليانها فبمجرد ظهور قضية جديدة وإن كانت ذات أهمية
أقل فستمحو ما قبلها.
5-
لا توجد تخصصية لدى الشباب العماني فيما يختص بأولويات
أهتماماتهم، فما يصل في جروب الواتساب يصبح من اهتمامه، اليوم يحلل في الرياضة
وغدا في الدين وبعده في شؤون المناخ والطقس وبعدها في السياسة وهكذا.
6-
يمكن توجيه مسار انتشار أي قضية ضمن المواضيع المذكورة
من خلال زاوية الطرح للقضية، بمعنى أن الرسالة الأولى هي من تحدد
"سلبية" أو "إيجابية" القضية، فيمكن أن تجرب طرح قضية معينة
خلال هذا العام على أنها "سلبية" فسيستقبلها الناس بنفس الفكرة وتجد
التأييد، وذات القضية لو طرحتها العام القادم ولكن على أنها "إيجابية"
فستجد نفس المؤيدين لـ"سلبيتها" سابقا يؤيدون "إيجابيتها".
مثال: تم طرح قضية
وجود بعض الفقرات –محل الخلاف- في قصص بدرية الإسماعيلية في كتابها
"ملح" بسلبية، على أساس أنها "خادشة" للحياء، بينما كان
سيناريو طرح مغاير سيجد الإنتشار أيضا لو طرحت بنظرة "إيجابية" على أساس
أن حرية التعبير مفتوحة في السلطنة وأن مجتمعنا لم يعد يهتم بأنوثية أو ذكورية
القلم، وبأن الحديث عن ما يحدث خلف الأسوار أصبح متاح لمن أراد.(هذا مثال توضيحي
على توجيه القضية-وليس رأي في "ملح").
7-
بناء على التعليقات والنقاشات التي تنتشر أثناء كل قضية،
فإنه من الواضح بأن السواد الأعظم غير مطلع أو غير قارئ وبمعنى اخرى "يفتي
فيما ليس له علم"، وإنما يشارك وينشر ويعلق من باب "خوضوا مع
الخائضين".
8-
"عاطفة التضامن" هي الإطار والقالب الذي تدور
حوله أغلب القضايا المنتشرة، فأن تقول بأن فلان الفقير قد ظلمه فلان الغني فأنك
تضمن حالة تضامن شعبي لفالن الفقير حتى لو كان في الواقع هو الظالم.
9-
"التشفي" هي ظاهرة عامة في الإنتشار
الواتسابي، فمثلا لو ان دولة الإمارات قد اتهمت في يوما ما بسرقة موروث عماني –على
سبيل المثال، فإن أي قضية تكون الامارات فيها طرف نزاع مع احد الدول الخليجية فإنه
من باب التشفي سينتصر أو يؤيد الإنتشار العماني العام؛ للدولة الأخرى تشفيا بما
فعلته الإمارات وليس بسبب لأسباب اخرى –أؤكد بأن هذا مثال توضيحي فقط وليس
بالضرورة أن يكون حقيقة).
الخلاصة:
نتيجة تحتمل
الصواب: لا يمكن أن نطلق مصطلح "الرأي العام" بمعناه الحقيقي على
الرأي العام المحلي، وذلك بسبب أن "الوعي" في السلطنة لم يصل لمستوى يؤهله
ليكون محصنا ضد عمليات التوجيه في القضايا، فمن خلال النقاط التسع يتضح هشاشة
"المعلوماتية" لدى طبقة واسعة من الشباب العماني الذين هم محور
"البؤر" في إنتشار الرسائل أو الصور أو الفيديوهات.
سؤال:إذن ماذا يمكن أن
نسمي هذه الحالة؟!!
جواب: مصطلح
"حالة تعبئة عاطفية مؤقتة" هي ما ينبغي أن نطلقه على المشهد العماني
العام.
حكاية نفر 3 أبريل 2014م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق