هل تعلم بأن القهوة "محرمة شرعا"
في عمان حتى العصر الحديث؟!
هل سنشهد خلال العقود القادمة فتاوى مماثلة
لتحليل بعض المحرمات الحديثة مثل سماع الموسيقى؟
قد
يتفاجأ البعض من أن القهوة كانت من المحرمات "شرعا" في السلطنة وفي عموم
الجزيرة العربية حتى القرن التاسع عشر الميلادي، فقد ذكرت بعض المصادر العمانية أن
العلامة خميس الشقصي الرستاقي المتوفي على الأرجح عام (1660م)، (وهو المؤسس
الحقيقي لدولة اليعاربة في عمان، تزوج من أم الإمام ناصر بن مرشد اليعربي بعد وفاة
زوجها وتربى الإمام ناصر تحت يديه) في كتابه الموسوعي المكون من 20 جزء "منهج
الطالبين وبلاغ الراغبين" أن القهوة من "المحرمات"، كما ذكر
الشقصي أن العلامة أبي القاسم بن محمد الأزكوي المتوفي في القرن العاشر الهجري قد
ذكر في كتاب له أن القهوة من "المحرمات" مع العلم بأن القهوة دخلت عمان
في زمانه أي بداية القرن العاشر الهجري.
وبحسب بعض المصادر أبرزها ما ذكر في
"الموسوعة العمانية" في المجلد الثاني باب حرف (ب) صفحة 561 تحت عنوان
"البن في عمان" أن أبرز من قال بحل القهوة هو ناصر بن جاعد الخروصي
المتوفي سنة (1847م)، وإن كان قد سبقه سعيد بن بشير الصبحي المتوفي سنة (1747م)
الذي أحدث خلافا كبير بين الفقهاء بسبب قوله بحل القهوة. إلا أن الخروصي قد أسهب
ووضح وفنّد الأقوال الفقهية في كتابه "تنوير العقول"، وخرج بنتيجة أن
شرب القهوة "حلال"، ثم اتفق معه بالقول العلامة سعيد بن خلفان الخليلي
المتوفي سنة (1871م) ومن بعده نور الدين السالمي المتوفي سنة (1914م)، وكان قد
انتشر خلال هذه الفترة شرب القهوة في عموم عمان بعدما كان متركزا على المناطق
الساحلية.
وهنا لا بد أن نؤكد بأن "تحريم
القهوة" لم يكن مقتصرا على فقهاء عمان بجميع مذاهبهم بل أن أغلب فقهاء مكة
والحجاز كانوا يروا بتحريمها، وكان هو القول السائد في عموم الجزيرة العربية ومصر، ولم يكن تحريمها على مستوى المذاهب المعروفة بل كان على مستوى الفقهاء فقط، أي لم يكن خلافا مذهبيا ينفرد به مذهب على آخر.
ويعود تاريخ انتشار القهوة بين العرب لبداية القرن العاشر الهجري بعد أن أدمن عليه
أحد علماء الصوفية في اليمن ثم بدأ في الانتشار ووصل لمكة ثم مصر وبعدها لبقاع
اخرى من الأرض. وهناك فتاوى كثيرة بهذا الخصوص لا يسع ذكرها هنا إلا أن الملفت للنظر
هو تداول حديث منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم وهو :" من شرب القهوة يحشر
يوم القيامة ووجه أسود من أسافل أوانيها"، مع العلم بأنه-وحسب المصادر التاريخية-
لم تكن القهوة معروفة في عهد الرسول الكريم. حيث يعود دخولها لبداية القرن العاشر الهجري.
ومن الجيد بأن نذكر تعليل من قال بتحريم
القهوة وهو أنها من المنشطات وأنها تذهب العقل وتستدعي السهر، وأن اسم
"القهوة" هو من أسماء الخمر، كما أن مجالس تداولها تشبه مجالس منادمة
الخمر، حيث يجتمع الندماء حولها.
عبرة من التاريخ الفقهي:
بعد الاستعراض السريع للتاريخ الفقهي لشرب
القهوة أرى بأن وضع بعض مسائل الخلاف الحالية يشبه تماما وضع القهوة، ولعل أقرب
مثال يمكن مقارنته بتحريم القهوة هو فتاوى تحريم "الدش" وأقصد الصحن
اللاقط للقنوات الفضائية، فقد أحدث في بداية دخوله للجزيرة العربية خلافا بين
الفقهاء وخرجت فتاوى تحرم دخوله للمنازل بحجة ما به من مفاسد، كما أن هناك فتاوى
مماثلة طالت التلفاز والراديو السيارات أول ما دخلت جزيرة العرب ثم بدأت مرونة
الأقوال الفقهية تجاهها حتى تلاشت.
قياسا على تاريخ "التحريم" والأدلة
التي ساقها من قال به أن هناك مسائل تبدوا في طريقها لأن تكون تحت الوضع الفقهي "المرن"
خلال العقود القادمة ومن أبرزها حكم سماع الموسيقى.
حكاية نفر 25 نوفمبر2014م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق