الأحد، 30 مارس 2014

مصر.. ليست أكثر من مشاهد سينمائية


 
الصراع السياسي السينمائي في مصر
المتتبع للمشهد المصري خلال الثلاث سنوات الأخيرتين يصيبه "مود" القرف والاشمئزاز السياسي جراء الأحداث السينمائية وهي بالمناسبة ليست ليس وليدة اللحظة بل هي نتاج تراكمات سياسية بحته عبر مئات السنون بل ومنذ عهد الفراعنة، هذه التراكمات السياسية أثرت في تكوين الحياة الإجتماعية المصرية ومنها تشكل الإطار العام للثقافة المصرية وتراثها بمختلف الأنواع، المادي وغير المادي، تراكمات بناها الساسة عبر تلك السنين بحد الإذلال والعبودية والقمع، بناها الحكام المتعاقبين على مصر منذ الفراعنة وإلى اليوم بأسلوب "ليّ الذراع" للشعب، وبقاعدة  "من أراد لقمة العيش فليخضع".

وللأسف، انطبع المصريين على هذا الأسلوب، فشبوا وشابوا عليه، فأصبحت بمثابة المخدرات لمتعاطيها، يدرك مضرتها ولا يصبر على مفارقتها، هذا الواقع وهذه الحقيقة التي لن يعترف بها المصريين، ولست هنا لأطلق الأحكام جزافا بل هذا الحكم مبني على تاريخ مصر المدون عبر مصادرها المصرية، اقروأ تاريخ مصر جيدا وستدركون هذه الحقيقة المُرّة، رغم أن مصر كدولة تعتبر الأقدم في العالم منذ 7000 عام قبل الميلاد،  فلو قال أحدهم بأن المصريين عبيد العصا فسأشاطره الرأي حتما رغم تأسفي، التاريخ يقول بأنه ومنذ زمن الفراعنة كانت مصر تُحكم من غير أهلها حتى نهاية الملكية فيها عام 1952م ، ثم حكمها اللواء المغيّب تاريخيا "محمد نجيب" المتوفي عام 1984م والذي عزل فورا بسبب الصراع السياسي، إنها الحقيقة يا أصحاب، فقد توالى على كرسي مصر أسر وأعرق وأقوام ليسوا بمصريين، ففي تاريخ الدولة الإسلامية كان يحكمها الخلفاء فتوالى عليها "الراشدين" و"الأمويين" والعباسين والفاطميين والعلويين و"الأيوبي" والمماليك والعثمانيين حتى أن مؤسس مصر الحديثة محمد علي لم يكن مصريا أيضا.

لست هنا بصدد سرد لتاريخ مصر، بل أني اريد أن اصل لنقطة معينة وهي أن الحالة المصرية الحالية هي إنعكاس لثقافة "الكرسي" المصري عبر مئات السنون، فأسلوب الفراعنة الذي ترويه كتب التاريخ هو الأسلوب الأنجع والأنسب لحكم المصريين، فأصبح المصري بدونه وكأنه يفتقد لشيء إذا ما عاش في "بحبوحة" من العيش، هو لا يريد ذلك، بل يريد أن يقمع ويجلد حتى يحس بطعم الحياة، وهذا التفسير الأقرب للمشهد المصري الحالي.

أتذكر تماما حلة الشعب المصري أيام حسني مبارك، فقد عشت فيها سنوات، مصري يمدح حسني مبارك لأنه يحب مصر، ومصري اخر يشتم حسني مبارك لأنه يحب مصر، وهذه الحسنة الأبرز في شعب "ام الدنيا" بأنهم مجتمعون على حب مصر الأرض، ومنقسمون في حب "الكرسي". وجد المصريين أنفسهم أمام فرصة كبيرة للخروج وإسقاط النظام الحاكم، ففعلوا، وليتهم ما فعلوا. فعلوا ذلك فقط لأنهم أحسوا بأنهم مستقرين سياسيا لأكثر من عشرين سنة وهذا ما لا يرغبون به، إنهم يرغبون بإحداث "الإثارة" وصنع المشاهد السينمائية، وساعدهم في ذلك وجود مجموعة من مخرجي الأفلام السياسية وبتمويل "نفطي" ضخم.

ما يحدث في "المحروسة" ليس أكثر من مشاهد من فيلم سينمائي، ومشاهد درامية، جموع تحركها العاطفة واخرى تحركها الجينيهات واخرى تحركها اللحية واخرى يحركها الخوف من اللحية.. وهلمّ جراء.

هذا الفيلم للأسف في قبضة أكثر من مخرج ولهذا تتنواع المشاهد وتختلف، لكنها تجتمع في الثيمة "التراجيدية"، مخرج مشاهد عبدالفتاح السيسي يبدوا أنه تستهويه المشاهد الخيالية ولذا دائما ما يفاجئنا بمشاهد لم تكن في الحسبان، أما مخرج "الأخوان" فإنه يحاول الضرب على الوتر الديني لكسب التعاطف مع أبطال فيلمه.
مشاهد الفيلم مقززة، وأحداثه متعبة نفسيا، ومخرجي الفيلم يستندان على ميزانية مالية مفتوحة، والشعب المصري الضحية هو من يساهم في إنجاح الفيلم بوعي منه او بغير وعي، لذا أنصحكم بالإبتعاد عن متابعة أخبار مصر وفيلمها السينمائي السياسي المريع، فلن تجنوا منه غير الكآبة والضيق، شخصيا لن أفكر بزيارة مصر إلا بعد عشر سنوات من الآن في حال إنتهاء عرض الفيلم.



هكذا أراد المصريين لمصر أن تكون!!

هناك تعليق واحد:

  1. وجهة نظر صائبة اخى الله يكتب الخير للشعب العربى كله امين يارب

    ردحذف