الخميس، 12 ديسمبر 2013

شكرا سلطنة عمان / مقال للكاتب د.محمد جوهر


د. حسن عبدالله جوهر


مقال للكاتب  د. حسن عبدالله جوهر  بجريدة "الجريدة" الكويتية بتاريخ 23 ديسمبر2013م.

استخدمت سلطنة عمان دبلوماسية "الكلمة اللي تستحي منها بدها" لفرملة مشروع الاتحاد الخليجي في سابقة تتسم بالجرأة والوضوح على مستوى القيادات السياسية في دول مجلس التعاون، ولا أعتقد أن تهديد السلطنة بالانسحاب من المنظومة الخليجية هو السبب وراء اختفاء الطرح الوحدوي فجأة؛ بقدر ما كان يمثله الموقف العماني من ثقل واسع بين معظم الدول الخليجية نفسها التي غلب عليها طابع المجاملة والحياء السياسي من الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، فكانت عمان هي طوق النجاة لهم جميعاً.

البيان الختامي للقمة الـ34 كشف بوضوح هذه الحقيقة، وأنه من الأفضل أن يبقى الاتحاد الخليجي حلماً جميلاً يتمتع به النائم فقط، حيث الواقع لا يعكس سوى الحسرة والمرارة، فهذا البيان شرّق وغرّب في القضايا الخارجية وسرد فقط جملة من ردود الأفعال على أحداث ومواقف إما بالمباركة وإما بالتأييد دون أن يكون لدول الخليج أي دور يذكر في بلورتها أو التأثير في مساراتها، مثل الاتفاقية النووية بين إيران والمجتمع الدولي، وعقد مؤتمر "جنيف 2" في شأن سورية، واتجاه مصر نحو الاستقرار بعد إزاحة "الإخوان المسلمين" من السلطة، والدعوة إلى الحوار القائم أصلاً في اليمن! ولم يلتفت البيان إلى الشأن الداخلي في الخليج نفسه وطموحات شعبه والاختلالات الحادة والمقلقة في معظم دوله، وكذلك الاختلافات العميقة بين أعضاء "مجلس التعاون" التي لم تعد خافية على أحد، وفي تناقض مثير للشفقة تطالب الحكومات الخليجية بإصلاح مجلس الأمن الدولي للقيام بواجباته ومسؤولياته في وقت تهمل وتتحدى المطالبات المتكررة والمتواصلة من قبل شعوبها بإصلاح أنظمتها السياسية عبر المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ورسم معالم مستقبلها واحترام الحريات العامة وأبسط مبادئ حقوق الإنسان سواء للمواطنين أو المقيمين على أراضيها، حيث التقارير السوداء التي تشير إلى المتاجرة بالبشر ونظام السخرة والعبودية!


فأي اتحاد خليجي يرغب قادة "التعاون" في تقديمه، هل هو الكونفدرالية أو الوحدة الفدرالية؟ أم "نموذج 6+ 2" بضم الأردن والمغرب؟ وما دولة الاتحاد وعاصمتها؟ وما طبيعة النظام السياسي في ظل هذا الاتحاد؟ وأين موقع الشعوب ورأيهم في هذا المشروع؟ وما التشريعات اللازمة لبناء هذا الاتحاد؟ وهل يمكن أن تتوحد السياسة الخارجية والمنظومة الدفاعية في هذا الاتحاد؟
هذه الأسئلة وغيرها لا توجد حولها أي إجابات واضحة ولا حتى رؤية مبدئية قابلة للحوار أو التنظير والتقييم، ولا حتى قادة الخليج والدوائر الضيقة في صناعة القرار لديهم تصور أولي حولها حتى يكون بمنزلة بارقة أمل جادة لطرح مجرد فكرة الاتحاد؟
كل الشكر لسلطنة عمان ليس فقط على صراحتها وشفافيتها في إعلان موقفها، إنما لهذا الفضل الكبير في إنقاذ مجلسنا الخليجي المترنح من فضيحة جديدة، ولعل في ذلك فرصة حقيقية للقيادات الخليجية في عمل الواجب المنزلي Homework قبل إطلاق الأحلام بالكلام!








رابط المقال بصحيفة "الجريدة" اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق